القديس بولس
+ وثمة ملحوظة لا بد منها هي بخصوص قول بولس إن الرجل رأس المرأة. فهو يقول ذلك في صدد حديثه عن الزواج، بمعنى أن الزوج رأس زوجته. وهذا ما يجب أن يذكره الجميع وبخاصة لأن الرسول نفسه أعلن أنه في السيد المسيح ليس ذكر ولا أنثى. ولنربط الآن بين هذا التعليم وبين رؤية الأنبا كيرلس الأول(4) للزواج المسيحي في إطار معجزة قانا الجليل، فهو يقول: "إننا لا نعبد حسب الناموس وإنما حسب الروح، نعبد بالروح والحق، والحق معناه أن كل الأشياء جديدة في السيد المسيح، والنص المقدس في إنجيل يوحنا يدعونا إلى أن نبتعد عن الناموس والعادات القديمة(5). فعرس قانا الجليل كان عرسًا ووليمة. وهذا معناه أنه في حد ذاته شيء مقدس حضرته أم المخلّص. وهو أيضًا جاء إلى العرس مع تلاميذه. جاء بالأكثر لكي يقدس الجنس البشري. وأنا أعني بشكل خاص أن يقدّس ما يخص الجسد. وكان من اللائق أن الذي جاء لكي يجدد طبيعة الإنسان ويعيد خلقها من جديد وبالكامل إلى ما هو أفضل أن لا يقصر منح بركته على من دعاهم من العدم إلى الوجود فقط، بل أيضًا يهيئ نعمة للذين سيولدون. فيجعل مجيئهم إلى العالم مقدسًا. وهناك سبب جذريّ: لقد قيل للمرأة من الله: بالوجع تلدين أولادك (تكوين 3: 16). فكم كانت الحاجة ماسّة إلى أن تخلص من هذه اللعنة أيضًا - وإلا فكيف يمكن أن نهرب من الحكم على الزواج بأنه لعنة؟ ولأن المخلص محب البشر فهو قد رفع هذه اللعنة إذ هو مسّرة وفرح الكل. وهذا ما جعله يكّرم الزواج بحضوره شخصيًا لكي يطرد العار القديم عن الحبل والولادة(6). والواقع أن أشياء كثيرة تمّت معًا في وقت واحد في أول معجزة: الزواج المكرّم صار مقدّسًا. اللعنة التي وُضعت على المرأة رُفعت. فلم يعد مجال للكلام عن "بالحزن تلدين الأولاد" لأن السيد المسيح بارك بداية ولادتنا ومجد المخلص أشرق مثل الشمس. ولقد تم الزواج في قانا الجليل: لم يكن في أورشليم ولا في اليهودية، وإنما في الجليل مقاطعة الأمم كما يقول عنها إشعياء النبي "جليل الأمم" (إشعياء 9: 1).