مجمـــــــع أفســـس
مقــــــدمة :
فى صلاة تحليل الخدام يتلو الأب الكاهن هذه الصلاة :
عبيدك خدام هذا اليوم القمامصة والقسوس والشمامسة والأكليروس وكل الشعب وضعفى , يكونون محاللين من فم الثالوث الأقدس ..................، ومن أفواه الثلاثمائة والثمانية عشر الذين اجتمعوا بنيقية ( المجمع المسكونى الأول ) ، والمائة والخمسين الذين أجتمعوا بالقسطنطينية ( المجمع المسكونى الثانى ) ، والمائتين الذين اجتمعوا بأفسس ( المجمع المسكونى الثالث ) ، ............. .
وفى صلاة مجمع القديسين ، وهو قسم مهم من القداس الألهى فيه ترتفع عقولنا إلى السماء لتشفع بأرواح القديسين الذين تكملوا فى الأيمان والأعمال وأكملوا جهادهم ونالوا الحياة الأبدية ، وهم الآن أمام عرش الله ، يخدمونه نهارا وليلا فى هيكله والجالس على العرش يحل فوقهم ......يذكر الكاهن فى صلاته المجامع المسكونية الثلاث المشار إليها فى تحليل الخدام .
فما هى قصة مجمع أفسس ؟؟
نتعرض فى الصفحات التاليـــــــة لأقوال آباء الكنيسة والمؤرخين الذين سجلوا لنا موضوع هذا المجمع من خلال مؤلفاتهم التى بين أيدينا .
والمائتين بأفسس هم آباء المجمع المسكونى الثالث فى مدينة أفسس سنة 431 م .. وبدعوة من الأمبراطور ثيؤدسيوس الصغير بسبب ظهور بدعتين كان لهما خطورة على العقيدة المسيحية ، وأصحابهما هما :
( 1 ) نسطور :
أسقف القسطنطينية الذى نادى بأن للسيد المسيح طبيعتين الهيـــــــة وأنسانية ، ولذلك لا ينبغى أن تسمى العذراء ( بوالدة الإله ) واستغل منصبه الكبير وسلطته فى نشر هذه التعاليم الفاسدة ، ولذلك سمى بعد ذلك ( عدو العذراء مريم ) .
( 2) بيلاجيوس :
وهو صاحب البدعة الثانية الذى قال بأن الأنسان يستطيع أن يصل إلى أسمى الدرجات دون حاجة للنعمـــــة الألهية .
وقد اجتمع الآباء وكان من بينهم القديس البابا كيرلس عمود الدين الذى شرح لنسطور عدم افتراق الطبائع بعد الأتحاد ، وبعد مناقشة طويلة معه لم يقبل فأجمع آباء المجمع على حرمه وتجريده من رتبته الكهنوتية .
ووضع الآباء للرد على هذه البدعة مقدمة قانون الأيمان :
( نعظمك ياأم النـــــــــــور الحقيقى ........ ) .
كما اجمعوا على حرم بيلاجيوس أيضا وانتهى المجمع على ذلك بسلام .
بركة صلوات هؤلاء الأباء أعضاء المجمع تكون معنا ..... آمين .
بدعــــــة نســـطور
البطريرك المبتدع :
تعتبر بدعة نسطور السبب الرئيسى لعقد مجمع أفسس ، ومن المؤلم أن يكون صاحب هذه البدعة التى أزعجت الكنيسة وكادت أن تفصم وحدتها هو بطريرك القسطنطينية " .
تعاليمه الغريبة :
نادى نسطور بأن فى السيد المسيح أقنومين وشخصين وطبيعتين ، واستنتج من ذلك أنه لا ينبغى أن نسمى السيدة العذراء " بوالدة الألــــــه " كما عاب على المجوس لسجودهم للطفل يسوع وهو فى المذود ، وأستقطع الجزء الأخير من كل من الثلاث تقديسات التى ترتلها الكنيسة فى صلواتها .......
وبحكم منصبه ، وبما له من سيطرة وسطوة بدأ ينشر تعاليمه فى كل مكان مستخدما فى ذلك بعض الكهنة والأساقفة أيضا !
ولما سمع مسيحيو القسطنطينية أقواله هذه رفضوها لعدم استقامتها ، وبدأوا يثورون ضده ولكنه أمعن فى عناده . واذ حضر جمع من الرهبان أمامه وأوضحوا له خطأ تعاليمه وانحرافه عن الأيمان القويم غضب عليهم وأمر بحبسهم فى الكنيسة كما أمر خدمه بضربهم واهانتهم !
وحالما سمع القديس كيرلس البابا السكندرى بهذه البدعة كتب يفندها ويثبت التعليم الصحيح ، وارسل رسائل كثيرة لنسطور , ولكنه رغم كل هذا لم يرتدع ولم يتنازل عن وخيم تعليمه .
نهايته الشنيعة :
وأخيرا عقد المجمع المسكونى الثالث ، وحكم بحرمه وتعاليمه معه ، ثم تقرر نفيه إلى ديره الأول ، ولكنه رغم كل ذلك لم يتب ولم يستكن بل بدأ ينفث سموم أضاليله بين الرهبان وغيرهم ، الأمر الذى أغضب الأمبراطور وحدا به إلى اصدار الأمر بنفيه إلى اخميم بصعيد مصر حيث أدركته المنية هناك .
وقد اختلف المؤرخون فى سبب موته ، فقال بعضهم أنه لما تملك عليه اليأس لعدم تمكنه من الرجوع إلى بلاده دفعة ثانية ، شدخ رأسه بحجر ومات منتحرا ، وقال البعض الآخر أن الرب قد ضربه بالدود الذى أكل لسانه واماته شر ميتة !
النسطورية بعد نسطور :
على أن البدعة النسطورية لم تمت تماما بموت نسطور – وان كانت قد ضعفت كثيرا – ذلك لأن معلمو مدرسة الرها وتلاميذها تمسكوا بتعاليم نسطور الخاطئة ، وبدأوا ينشطون فى نشرها ، ولما طردهم أسقف المدينة ، هربوا إلى نصيبين ومعهم بعض الكهنة ، وهناك شيدوا مقرا لهم ورسموا رئيسا عليهم دعوه " جاثاليقا " وعملوا على نشر بدعتهم فى بلاد فارس وآشور والهند وغيرها .....ولا زال بعض النساطرة حتى الآن فى جبل سنجار على حدود بلاد فارس وفى ملبار بالهند .
الشخصيات الهامة فى المجمع
القديس كيرلس الكبير :
ليس من شك فى أن القديس كيرلس الكبير ، قد اقترن أسمه بحق مع أسم المجمع المسكونى الثالث ، فهو ذلك البطل الأمين الذى أفنى حياته فى مقاومة المبتدعين ، حتى أستحق أن تخلع عليه الكنيسة لقب " عمـــــود الدين " .......عندما تحدق به الأخطار ، نراه يقول فى سرور : " إنى قد وطدت نفسى على أن أقبل لأجل المسيح كل أنواع التضحية والعذاب إلى أن الاقى الموت الذى أقبله بفرح من أجل غاية كهذه ...... فلا شىء يخيفنى لا الشتائم ولا الأحتقار ولا التعذيبات أيا كانت ، ولكن يكفينى أن يكون الأيمان كاملا ومحفوظا .
بين القديس كيرلس ونسطور :
ولم يكد القديس يستريح قليلا من جهاده السابق حتى ظهرت " بدعة نسطور " وعندئذ قام يستأنف جهاده ، وانتهز فرصة عيد الفصح عام 428 م وكتب يفند هذه البدعة فى رسالة العيد التى يرسلها الكرسى المرقسى إلى جميع الكنائس فى كل مكان ، كما جاهر بخطأ عقيدة نسطور فى عظته ليلة العيد وقال : " إن مريم لم تلد إنسانا عاديا بل أبن الله المتجسد ، لذلك هى حقا أم الرب وأم اللــــــــه " .
وسر الجميع من رسالة القديس ووقفوا بجانبه يشاطرونه جهاده فى سبيل تثبيت الأيمان القويم .
وصلت رسالة القديس إلى نسطور ، ولكنه بدلا أن يدرسها ويقتنع بها سلمها إلى أحد كهنته ليرد عليها مبررا وجهة نظره .
واستمر القديس فى إرسال رسائله ومندوبيه إلى المبتدع نسطور ، وكتب له فى أحد رسائله :
" لو لم تكن أسقفا ما أهتم بك أحد ، ولكنك جالس على كرسى أبن اللــــــه ، فهل يليق بك أن تستغل مركزك هذا فى التهجم عليه بذلك التجديف الذى تعجز عن إثباته ؟ كيف هداك البحث إلى أن المسيح إنسان ؟ ومن أى المراجع أستخرجت هذه البدعة ؟ أمن العهد القديم أم الجديد ؟ ....
" لقد سماه العهد القديم اللــه الأبن ، وأبن الله الآب ، وسماه انجيل يوحنا الأبن الوحيد الذى فى حضن أبيه ، وقال عنه القديس متى : إنه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا ، وشهد عنه القديس مرقس فى انجيله : أنه لما سأله رئيس الكهنة قائلا : هل أنت ابن الله ؟ قال نعم ، أنا هو ، ومن الآن ترون إبن الله جالسا عن يمين القوة ومقبلا على السحاب ليدين الأحياء والأموات ، ألم يقل الملاك للعذراء : إن الذى تلدينه هو من الروح القدس وأنه ابن العلى يدعى ، من الذى حمل خطايا العالم ؟ أليس هو المسيح أبن مريم ، الله الكلمة المتجسد ؟ إن كنت معتقدا أنه نبى مثل موسى ، فهل حمل موسى أو غيره من الأنبياء خطايا العالم كما حملها السيد له المجد ؟ لقد قال عنه بولس : ليس هو انسان ، بل هو الله صار إنسانا ، فهل رأيت الآن كيف أن الجميع قد أعترف بألوهيته ؟ فكيف تنكرها أنت ؟
وتسلم نسطور هذه الرسالة كما تسلم سابقيها ورفض قبول الأخوة الذين حملوها !! وهؤلاء إذ بقوا شهرا كاملا يأملون المثول بين يديه دون جدوى ، عادوا إلى الأسكندرية .
وكتب المبتدع إلى كليستينوس أسقف روما بخصوص تعليمه الجديد ، وهذا أرسل إلى القديس كيرلس يستوضحه الأمر ، إذ كان يدرك ما عليه من علم ومعرفة ، فبعث القديس إلى أسقف روما خطابا مستفيضا أوضح فيه حقيقة نسطور وتعليمه ، وعندئذ عقد كلستينوس مجمعا من أساقفته ، أقر بأقوال القديس كيرلس وحكم على نسطور بالضلال ، وبعث إليه بكتاب نصحه فيه بالعودة عن ضلاله وإلا يعتبر مقطوعا من عداد الشركة كلها أما القديس كيرلس فقد عقد مجمعا مكانيا فى الأسكندرية ، عرضت عليه هرطقة نسطور كما تليت رسائل القديس له وللأساقفة ، فوافق المجمع على رأى القديس كيرلس وأثبت خطأ تعاليم نسطور .
ثم كتب القديس كيرلس أثنى عشر بندا فصل فيها العقيدة المسيحية الصحيحة ، وختم كل منها بحرم من لا يؤمن بها كالآتى :
عرض البوم صور رانيا بنت المسيح رد مع اقتباس