لو فرح العُمَّال الأوَّلون بهذه النِّعْمَة لكانوا بلا شكٍ من الأوَّلين، ولكن حَسَدهم جعلهم يتذمرون فأصبحوا من الآخرين. الله يهب "دينار الخلاص" أي الدخول إلى كنيسته لَمَن يشاء من المُتقدِّمين أو المُتأخرين، لا نظرًا إلى استحقاقاتهم بل لرحمته تعالى التي لا تُقاس بمعايير النَّاس " كما يقول أشعيا على لسان الرَبّ "إِنَّ أَفكاري لَيسَت أَفْكارَكم ولا طرقُكم طُرُقي، يَقولُ الرَبّ" (أشعيا 55: 8). فمنطق الله غير منطق النَّاس. وإذا تَبع الله طرقَنا وأفكارَنا، فلا مجال لرحمته، إذ نحرم ذواتنا من سموه.
لا موازنة بين الله-الخَالق مع الإنسان-المَخلوق! لا ينبغي أن نُطبق فكرنا البشري ونلصقها بالرّبّ العظيم فهو إلهنا ونحن خلائقه كما يترنم صاحب المزامير: "فإِنَّه هو إِلهُنا ونحنُ شَعبُ مَرْعاه وغَنَمُ يَدِه " (المزامير 95: 7).