في العدد الأول نرى السماوات والأرض في نظام مُستَكمَل بديع، وتوافق عجيب لا يُعكِّره أو يُكدِّره شيء. لقد خلق السماوات بشموسها وأقمارها ونجومها وأجرامها التي لا حصر لها ولا استقصاء لأبعادها وأحجامها. كما خلق الأرض مُبهِجة ومُناسِبة للسكن. فهو «لم يخلقها باطلاً (أي خربة وخالية)، بل للسكن صوَّرها» (إشعياء45: 18). تلك كانت صورة الكون يوم أتقنته حكمة الله، وأبدعته قدرته السرمدية. وقد ترنَّمت لرؤياه كواكب الصبح وهتف جميع الملائكة (أيوب38: 7). وفي العدد الثاني نقرأ القول: «وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظُلمة». لا شك أن عدوًا خطيرًا فعل هذا، وأن هذا التخريب هو شيءٌ طارئٌ عليها وليس أصيلاً في خلقها. إننا نرى هنا أرضًا بلا سماء، أرضًا مدفونة تحت غمار المياه الطامية الهائجة. وعلى وجه هذا الغمر ظُلمة تغطي المشهد كله. ونستنتج أن كارثة كونية رهيبة أصابت هذه الصورة الجميلة التي بَدَتْ فيها الخليقة أولاً، فأمست الأرض خربة وخالية.