رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وكانوا يأخُذونَه ويقولون مُتَذَمِّرينَ على رَبّ البَيت: تشير عبارة " مُتَذَمِّرينَ على رَبّ البَيت " إلى امتعاض العُمَّال الأوَّلين الذين أدركوا ما حصل مع العُمَّال المتأخرين وعبَّروا عن استيائهم وسخطهم وعدم رضاهم تجاه رَبّ البيت، لا لأنهم قبضوا أجْرَتهم بعد الآخرين، بل لأنهم قبضوا الأُجرَة نفسها التي قبضها عَمَلة السَّاعةِ الأخيرة. كان لهم الحق أن يتذمروا لو أعطاهم رب البيت أقل من الأُجرَة المتفق عليها، فلا مجال للتذمر إلاّ في الظلم، لكن هنا عدل تام؛ فما سبب تذمُّرهم إلاَّ طريقة تفكيرهم البشريّة المنحصرة على الّذات وشعورهم بالحَسَد مِن الذين أشفق عليهم رَبّ الكَرْمِ وأعطاهم أجْرَة نهار كامل بدل أجرة على عمل جزء من النهار. الحَسَد هو عَد النعم التي يحظى بها الآخرون بدلاً من عَد انعم التي أخذوها والتمتع بما يناله الآخر. في الواقع، يشعر عمال الساعة الأولى بالسوء عندما يرون الخير، ويحسدون لأن صاحب الكرم كان صالحًا (متى 21: 15). فلما رأوا الآخرين ينالون ما نالوه هم، رفضوا منطق رَبّ الكَرْمِ الذي يتنافى ومنطق البشر. هم أناس يرون حقوقهم، لكنهم لا يرون صلاح الله. ففي منطق الرَبّ ينال العشاَّرون ما ينال الفِرِّيسيُّون، والخطأة ما ينال الأبرار، كذلك في منطق الكنيسة ينال الوثنيون ما ناله اليهود. وقد عبّرت أسفار العهد القديم عن تذمُّر النَّاس على الله؛ فالتذمّر هو فعل متكرّر في سفر الخروج (خروج 15: 24، 16: 2-12، 17: 3)، وكثيرة هي الأحداث الّتي لا يعرف فيها بنو إسرائيل أن يروا خلاص الرَبّ فأخذوا يتذمرون عليه تعالى، لأنه يغفر للخاطئين ويرحم التائبين وقالوا " لَيسَ طَريق السَّيِّد بِمُستَقيم (حزقيال 18: 25)، كذلك يونان النبي احتجَّ على الله، لانَّ الله غفر لأهل نينوى (يونان 3). وعبَّر الإنجيل عن هذا التَّذمر أيضا، فعلى سبيل المثال في مثل الابن الشَّاطر حيث تذمر الابن الأكبر على أبيه بقوله "لمَّا قَدِمَ ابنُكَ هذا الَّذي أَكَلَ مالَكَ مع البَغايا ذَبَحتَ له العِجْلَ المُسَمَّن!" (لوقا 15: 30)، وفي شفاء أعميين في أريحا (متى 20: 31)، لكن الله يعلن "إِنَّ أَفكاري لَيسَت أَفْكارَكم ولا طرقُكم طُرُقي، يَقولُ الرَبّ. كما تَعْلو السَّمواتُ عنِ الأَرض كذلك طُرُقي تَعْلو عن طُرُقِكم وأَفْكاري عن أَفْكارِكم (أشعيا 55: 8-9). ويحذِّرنا أحد الأفلام من مهاجمة الله فكان عنوانه" ذراعك أقصر من أن تقاتل الله". يحق لنا أن نطرح الأسئلة، لكن بالحُبِّ وفي الحبِّ ومع الحُبِّ ودون تذمر. فسبب التَّذمر في الأصل هو الحَسَد، والحَسَد دفع اليهود لرفض المسيح فصاروا آخرين. لا ندع الحَسَد يتغلب علينا كي لا نتذمر على رحمة الله! |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مَثلُ مَلكوتِ السَّمَوات |العدل |
مَثلُ مَلكوتِ السَّمَوات | في المساء |
مَثلُ مَلكوتِ السَّمَوات | قالوا له |
مَثلُ مَلكوتِ السَّمَوات | المُستَحِقُّون لدُخول مَلكوتِ السَّمَوات |
مَثلُ مَلكوتِ السَّمَوات |