“الله أعلم” وكلمة السر!
لكن قد يتساءل قارئ ذكي مثلك: ماذا استفدت أنا من عِلم الله باحتياجي دون تسديده؟ وهل سيتدخل الله، أم سيكتفي بمجرد علمه باحتياجي؟! وللإجابة البسيطة والأخيرة، علينا أن نراجع مشهدين، الأول “كتابي” في الماضي، والثاني “مكتبي” في الحاضر!
بالنسبة للمشهد الكتابي هو ما حدث في مصر، عندما قرر الله أن يُخَلِّص شعبه من ذُل وعبودية المصريين فنقرأ: «وتَنَهَّدَ بَنُو إسْرَائِيلَ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ وَصَرَخُوا فَصَعِدَ صُرَاخُهُمْ إلى اللهِ مِنْ أجْلِ الْعُبُودِيَّةِ، فَسَمِعَ اللهُ أنِينَهُمْ فَتَذَكَّرَ اللهُ مِيثَاقَهُ... وَنَظَرَ اللهُ بَنِي إسْرَائِيلَ وَعَلِمَ اللهُ» (خروج2: 23‑24). فهنا لم يكتفِ الله بمجرد “عِلمه” باحتياج شعبه للخلاص من الذل والاضطهاد، فهذا الأمر لم يكن خافيًا عليه أصلاً، ولكن “علمه” كان بمثابة كلمة السر (أو الـ password)، التي أدخلها الرب ليُعلن فيها عن بداية تدخله الرهيب لتسديد احتياج شعبه. فعِلم الله له قدرة، وقدرته مُنسجمة مع علمه، فالله أقدر و“الله أعلم!”
أما المشهد المكتبي فهو يحدث يوميًّا، عندما يتلقى الموظف أمرًا إداريًّا من مديره، فيكتب تحت الأمر عبارة: “عُلم ويُنَفَّذ” ويُوَقِّع بنفسه تحتها، فإن كان بالنسبة للمدير مجرد “عِلم” الموظف بالأمر يعني تنفيذه وبسرعة، فماذا عن “مدير الكون”؟! هل يكتفي بعِلمه لاحتياجات أحبائه دون تدخله لتسديدها؟! حاشا، فعِلم الله ينسجم تمامًا مع محبته ورحمته، فالله أرحم و“الله أعلم!”