خاض الحكيم في سفر الجامعة عدة تجارب بحث خلالها عن السعادة تحت الشمس، وكانت لديه كل الإمكانيات المتاحة لإمتاع وإشباع رغباته وكل ما يشتهيه، فقد عظَّم عمله فبنى لنفسه بيوتًا وغرس لنفسه كرومًا، وعمل لنفسه جنات وفراديس، وجمع لنفسه فضة وذهبًا وخصوصيات الملوك، واتخذ لنفسه مُغنيّن ومغنيات، وتنعمات بني البشر سيدة وسيدات، ومهما اشتهته عيناه لم يمسكه عنهما. ثم التفت إلى كل أعماله والتعب الذي تعبه في عمله، فإذا الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة تحت الشمس (جامعة2). هذه هي الحقيقة المؤلمة أن بهجة الأرض سراب، وأن الحياة بدون الرب شقاء وصعاب. وهذا ما أكَّده الرب للمرأة السامرية عندما قال لها: إن كل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضًا (يزداد عطشًا) (يوحنا4)، وليس سوى المسيح من يستطيع أن يملأ فراغ الإنسان ويسعده. العالم يمضي وشهوته، وهيئة هذا العالم تزول، وهذا يجعلنا لا نضع قلبًا عليه ولا نتعلق به.