* هذا هو الغنى الحقيقي، ألا تشعر أنك في عوزٍ إلى غنى.
* "مجد وغنى في بيته" [3]. هذا لا يحتاج إلى تفسير. فإن هؤلاء لهم مجد من الله... لقد قبلوا (الرسل) مثل ملائكة الله، وأتوا بممتلكاتهم ووضعوها عند أقدامهم. وصاروا أكثر شهرة من الذين يلبسون الأكاليل.
أي ملك جعل دخوله في بهاء مثل بولس، هذا نلاحظه أينما كان يتكلم، إذ كان يطرد الموت، وينزع الأمراض، ويجعل الشياطين تهرب، ويصنع عجائب حتى من ثيابه نفسها. لقد حوَّل الأرض إلى سماء، وقاد كل واحدٍ إلى الفضيلة.
نعم، إن كانوا قد حققوا مثل هذه الأمور على الأرض، تأملوا أي مجد سينالونه في السماء.
الآن ماذا يعني: "في بيته"؟ تعني في نفسه الثروة التي تأتي من مصادر خارجية لا تنتمي لصاحبها، لأنها لا تبقى في أمان هناك، بل هي في أيدي المغرورين والمتملقين والحكام والخدم. لهذا السبب يقوم بتوزيعها في كل الاتجاهات، وهو غير واثقٍ أن يحتفظ بها في بيته في أمان.
هذا هو السبب لوجود حراس للخفارة، وإن كان هذا لا يفيد مادام هو نفسه معرضًا أن يتركها.
* "برّه قائم إلى الأبد" [3]... كل ما هو بشري يخضع للفناء. أما ثمر الرحمة فيبقى بدون فساد إلى الأبد. ولا تشوهه مشكلة ما مع الزمن، فإنه حتى الجسم ينحل، أما (الرحمة) فلا تختفي مدى الحياة، بل وتتقدم لتعد مسكنًا رائعًا لكم. وكما يقول المسيح: "في بيت أبي منازل كثيرة" (يو 14: 2). بهذا فهي أسمى من أشياء البشرية في هذا الأمر، إذ تتسم بالديمومة والثبات، الأمر الذي لا وجود له في أي شيء من هذه الحياة.
إن ذكرتم الجمال، فإنه يذبل مع المرض، ويضيع من الزمن.
إن ذكرتم السلطان، فغالبًا ما لا يكون موثوقًا فيه.
إن ذكرتم الثروة أو أي شيء من الغنى والشهوة في الحياة الحاضرة، فإن هذه إما أنها تفارق الناس وهم أحياء أو يصير الميت عاريًا ومجردًا من كل شيء.
ثمر البرّ على العكس تمامًا، لن يفسده الزمن، ولا يُحَطِّمه الموت، بل يصير أكثر أمانًا، خاصة عندما يصل إلى النقطة التي فيها يبلغ إلى الميناء ويصير محميًا من العواصف.
القديس يوحنا الذهبي الفم