رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الملك صدقيا يطلب مشورة إرميا: "1 اَلْكَلاَمُ الَّذِي صَارَ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ، حِينَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ صِدْقِيَّا فَشْحُورَ بْنَ مَلْكِيَّا وَصَفَنْيَا بْنَ مَعْسِيَّا الْكَاهِنَ قَائِلًا: 2 «اسْأَلِ الرَّبَّ مِنْ أَجْلِنَا، لأَنَّ نَبُوخَذْراَصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ يُحَارِبُنَا. لَعَلَّ الرَّبَّ يَصْنَعُ مَعَنَا حَسَبَ كُلِّ عَجَائِبِهِ فَيَصْعَدَ عَنَّا»" [1-2]. يرى يوسيفوس المؤرخ اليهودي أن صدقيا الملك حين سمع كلمات إرميا صدقها، وشعر أن كل ما ينطق به هو حق وأنها لصالحه، لكن أصدقاءه غيروا فكره وانحرفوا به عما نطق به إرميا وألزموه أن يفعل حسبما يسرهم . على أي الأحوال تكشف هذه العلاقة بين الملك والنبي أيهما كان الأقوى وأيهما كان الأضعف . من الظاهر كان الملك في مركز القوة، وكان إرميا موضع سخرية من الأكثرين اليوم كله... أما في الواقع فكان الملك مرتعبًا غير مستقرٍ، محتاجًا إلى كلمة من إرميا تعطيه طمأنينة وسلامًا! أرسل الملك كاهنين هما فشحور بن ملكيا وهو غير فشحور بن أمير (إر 20: 1) وصفنيا بن معسيا. كانا كاهنين وموظفين عند الملك. كان فشحور يكن كل كراهية لإرميا ويُرجح أن والده ملكيا هو الذي ألقى إرميا في الجب (إر 38: 6). يرى البعض أن هذين الكاهنين كانا مشيرين للملك من الجانب المدني والديني، وكانا منحازين نحو فرعون مصر، يحثان الملك على التحالف مع فرعون ضد البابليين ، والحنث بالعهد الذي أقامه مع نبوخذنصر. طلب الملك من إرميا النبي: "اسأل الرب من أجلنا" [2]، ليس شوقًا إلى معرفة إرادة الله أو رغبة في الطاعة لله، وإنما رغبة في نوال إجابة من الله تتفق مع ما هم مصممون عليه. إنهم يخدعون أنفسهم، إذ يطلبون أن يسمعوا، لا صوت الرب، بل صوتهم هم على لسان الرب. كلمة "اسأل" daras هنا تعني عملية الكشف عن فكر الله، استخدمت كثيرًا في العهد القديم (تك 25: 22؛ خر 18: 15؛ تث 4: 29؛ 12: 5، 1 صم 9: 9؛ 1 مل 22: 5، 7-8؛ 2 مل 3: 11؛ 8: 8؛ 22: 13؛ إش 31: 1؛ 55: 6؛ 65: 10، هو 10: 12؛ عا 5: 4-6 إلخ). كان في ذهن صدقيا مناسبة سابقة عندما حوصرت أورشليم بواسطة سنحاريب والجيوش الآشورية عام 701 ق.م. (2 أي 23: 20-21؛ 2 مل 19: 35-36؛ إش 37: 36-37)، في تلك المناسبة قام الله بدور خطير حيث تشفع إشعياء النبي لديه، فانسحب سنحاريب. الموقف في ظاهره مشابه، وكان الملك يترقب حدوث معجزة أخرى، لكن هناك فارق بين الموقفين. في أيام سنحاريب كان حزقيا الملك وشعبه يطلبون الإصلاح ويبذلون كل الجهد للمصالحة مع الله، أما صدقيا وشعبه فكانوا رجال جحود وفساد! كان كل اهتمام الملك هو التخلص من المشاكل الساقط تحتها، بأن يصعد ملك بابل عنه، لا أن يتمتع بالسلام مع الله والدخول في مصالحة معه. كان حزقيا يسأل الله بقلبه، أما صدقيا فبشفتيه.كان قد خطط للثورة ضد بابل مع رجاله، وجاء سؤال الرب أمرًا شكليًا أو ثانويًا كما يرى بعض الدارسين. ثم إن كان صدقيا يعرف الله أنه صانع عجائب عبر الدهور [2]، فلماذا لا يرجع إليه بقلبه بل كانت معرفته معرفة عقلية بحتة، لا تمس حياته الداخلية ولا سلوكه، لا تقدم له نفعًا؟! من جانب آخر كان حزقيا قد اتكل تمامًا على الرب وانتظر عمله بيقين الإيمان، أما صدقيا فاتكأ على وعود فرعون القوية. أشار هنا إلى اسم ملك بابل: "نبوخذنصر" التي تعني "ليت (الإله) نابو Nabu يحمي الحدود"، أو "ليت نابو يحمي الابن" أو "ليت نابو يحمي البغل (الشخص العنيد). |
|