رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يقول العلامة أوريجينوس: [بجانب هذا التفسير، لنسمع أيضًا التفسير الذي يقدمه لنا الرب نفسه: "فصار إليّ كلام الرب قائلًا: أما أستطيع أن أصنع بكم كهذا الفخاري يا بيت إسرائيل يقول الرب. هوذا كالطين بيد الفخاري أنتم هكذا بيدي يا بيت إسرائيل. تارة أتكلم على أمة وعلى مملكة بالقلع والهدم والإهلاك، فترجع تلك الأمة التي تكلمت عليها عن شرها فأندم عن الشر الذي قصدت أن أصنعه بها. وتارة أتكلم على أمة وعلى مملكة بالبناء والغرس، فتفعل الشر في عيني فلا تسمع لصوتي فأندم عن الخير الذي قلت إني أحسن إليها به" [5-10]. هكذا نرى أن ما حدث في بيت الفخاري لا يشير من الجانب الرمزي إلى أحداث فردية (أي إلى قيامة الأفراد) وإنما يُقصد به أمتان أو مملكتان. من هما هاتان الأمَّتان؟ من هي الأمة الأولى التي يتكلم عليها بالقلع والهدم، ومن هي الثانية التي يعطيها الوعد بالبناء والغرس؟ الله في تهديده يهدد بحيث إذا رجعت الأمة وتابت لا ينفذ فيها التهديد، كما أنه في وعوده إذا رجعت الأمة وصارت غير مستحقة تحرم من تلك الوعود... قام الرب بتهديد الأمة الأولى، وظهر آثار هذا التهديد: فقد تم سبيهم، وخُرَّبت مدينتهم، وُهدم الهيكل، ودُنِس المذبح، ولم يبقَ عندهم شيئًا من المقدسات التي كانوا يملكونها، لأن الرب قال لهذه الأمة: ارجعي إليّ، فلم ترجع. ويتحدث الرب إلى الأمة الثانية عن بنائها وغرسها، لكنه يرى أن تلك الأمة مكونة من أناسٍ قابلين أيضًا للسقوط والفساد؛ لذلك يهددها ويقول لها: بالرغم من أنني تكلمت عليك في البداية بالبناء والغرس، إلا أنك إن أخطأتِ يحدث لك ما حدث مع غيرك حينما أخطئوا. راجع كل الكتاب المقدس، تكتشف أن معظم أجزائه تتحدث عن هاتين الأمتين. اختار الرب الآباء الأولين (إبراهيم وإسحق ويعقوب) وأقام معهم وعودًا، وقام بإخراج الشعب الآتي من نسل الآباء من أرض مصر وحررهم من العبودية. كان طويل الأناة معهم حينما كانوا يخطئون، وكان يصحح أخطاءهم كأب، وأدخلهم إلى أرض الموعد وأعطاهم إياها، وأرسل لهم الأنبياء في فترات متعددة. كان يوجههم ويرشدهم ويتوبهم عن خطاياهم، وكان في طول أناة يرسل إليهم دائمًا أشخاصًا لكي يساعدوهم على الشفاء، إلى أن جاء رئيس الأطباء، والنبي الذي يفوق جميع الأنبياء. لكنه عندما جاء أسلموه للموت، قائلين: "خذه خذه"، خذ مثل هذا الإنسان من الأرض! "أصلبه أصلبه" (يو 19: 6، 15). من هنا اختار الله أمة أخرى. انظروا كيف أن الحصاد كثير بالرغم من أن الفعلة قليلون. في كل مكان وزمان يعمل الله على أن تكون شبكته دائمًا مُلقاة في بحر هذا العالم لكي يجمع فيها الأسماك من كل الأنواع؛ ويرسل صيادين كثيرين، وقانصين كثيرين، ويصطاد على كل جبل وعلى كل أكمة: انظر كم يعمل الله من أجل خلاص الأمم! إذًا "هوذا لطف الله وصرامته، أما الصرامة فعلى الذين سقطوا"،أي على الأمة اليهودية التي سقطت، "وأمااللطف فلنا نحن الأمة الأخرى، إن ثبتنا في اللطف، وإلا فإننا أيضًا سنُقطع" (رو 11: 22). لأن الفأس لم تكن موضوعة على أصل الشجر في أيام السيد المسيح فقط، بل يمكن أن تُوضع من جديد في وقتنا الحاضر. قال يسوع المسيح في تنبؤه عن سقوط إسرائيل: "هوذا الفأس قد وُضعت على أصل الشجر"، وأيضًا: "كل شجرةٍ لا تأتي بثمر تُقطع وتُلقى في النار". وأما الآن فيوجد زرع آخر، قيل عنه: "تجيء بهم وتغرسهم في جبل ميراثك، المكان الذي صنعته يا رب لسكناك" (خر 15: 17). جاء الرب بأمته الجديدة إلى جبل ميراثه. فإنني لن أبحث عن الجبل في وسط الأشياء الجامدة كما فعل اليهود؛ لأن الجبل هو السيد المسيح، غرسنا فيه وثبتنا فيه. انظروا إذًا هل يقول رب البيت - بعد أن يكون قد استخدم معنا طول الأناة - عندما يجيء: "هوذا ثلاث سنين آتي أطلب ثمرًا في هذه التينة ولم أجد، اقطعها، لماذا تُبطل الأرض أيضًا؟" (لو 7: 13). لأن الإنسان، الذييأتيإلى الكنيسةولا يأتي بثمرٍ يبطل أرض السيد المسيح الجيدة، التي هي الكنيسة، ويشغلها بدون فائدة]. |
|