رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إذ يصر الشعب على تجاهل الله إلهه، بل تناسيه تمامًا، يسقطون تحت التأديب: "لتجعل أرضهم خرابًا وصفيرًا أبديًا. كل مارٍ فيها يدهش وينغص رأسه. كريحٍ شرقيةٍ أبددهم أمام العدو. أريهم القفا لا الوجه في يوم مصيبتهم" [16-17]. يمكن تلخيص التأديب في الآتي: أولًا: "لتجعل أرضهم خرابًا [16]، كأن الأرض التي احتضنت الفساد والجحود ونسيان الرب لا تثمر إلا خرابًا. هكذا أرض الإنسان أي جسده الذي يتلذذ بالخطية، حاسبًا أن سعادته في ملذات الجسد يفقد حتى صحته وسلامته. ثانيا: لتجعل أرضهم... صفيرًا أبديًا" [16]. لقد فضلوا عدو الخير إبليس، الحية القديمة، عن خالقهم ومخلصهم، لهذا تتحول أرضهم إلى مسكن دائم للحيات، لا ُتسمع فيها إلا صفيرها. والعجيب أنه في السنوات الأخيرة بدأت تحتل الحية مركزًا خاصًا في العالم الحديث، فنرى في بعض المدن محاولة جادة لجذب الإنسان نحو الحية... على سبيل المثال في أستراليا في بعض دور الحضانة يعلمون الأطفال ما يسمى بـ"رقصة الحية"! ثالثًا: تصير موضع سخرية كل من يعبر بها: "كل مارٍ يُدهش وينغص رأسه" [16]. نغص الرأس يشير إلى السخرية والاستهزاء، مع حالة من الرعب والخوف مما يحدث، كما ُتستخدم كنوعٍ من الشماتة مع الدهشة على غباء هذا الشعب في علاقته بالله... رابعًا: تتعرض لهجوم العدو كريحٍ شرقية جافة وحارة وعنيفة تبددهم، ليس من يقدر أن يقف أمامها. خامسًا: يصرخون إلى الله لكنه لا يستجيب لهم في يوم مصيبتهم حتى يطلبون في جدية الرجوع إليه، لأنهم كسروا العهد معه. أعطوه القفا لا الوجه أي نبذوه، لذا يعطيهم هو أيضًا القفا لا الوجه، لأنه بالكيل الذي به يكيلون ُيكال لهم ويزداد، لكي يدركوا قيمة حرمانهم من الوجه الإلهي. هذههي أقصى عقوبة، أن يدير الله وجهه عنا. فإنه مهما بلغت التجارب في قسوتها يمكن احتمالها إن أدركنا أن الله يتطلع إلينا ويترفق بنا، أما إذا أدار وجهه عنا، فتتحول حياتنا إلى جحيم لا يُطاق، ونعاني من الشعور بالعزلة، الأمر الذي عانى منه آدم وحواء وهما في الفردوس! |
|