رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"اسألوا بين الأمم، من سمع كهذه؟ ما يُقشعر منه جدًا عملت عذراء إسرائيل". يقول العلامة أوريجينوس: مقارنة بين الشعب اليهودي في عناده بالرغم مما قدم الله له من إمكانيات وبين أهل نينوى سريعي التوبة، جاء فيه: أية عطايا ُقدمت لليهود (في خروجهم من مصر)؟! ألم تقم المخلوقات المنظورة كلها بخدمتهم؟! وأُعطيت لهم وسائل جديدة وفريدة للحياة؟! فإنهم (في البرية) لم يكونوا يذهبون إلى سوقٍ، إنما يأخذون مجانًا بما يُشترى بمالٍ، ولم يُفلِّحوا أرضًا، ولا استخدموا محراثًا، ولا مهدوا الأرض للزراعة، ولا ألقوا بذارًا، ولا احتاجوا إلى أمطارٍ ورياحٍ أو إلى فصول السنة الزراعية... لم يحتاجوا إلى أدوات للعجن... ولا إلى أي نوعٍ آخر من الأدوات الخاصة بالنسج والبناء وصنع الأحذية، بل كانت كلمة الله هي كل شيء بالنسبة لهم. كانت لهم مائدة لم تعدها يد بشرية، أُعدت بدون جهاد أو تعب، لأنه هكذا كانت طبيعة المن: كان جديدًا وطازجًا، لا يحملهم أية مشقةٍ أو جهادٍ. ثيابهم وأحذيتهم وأبدانهم ففقدت ضعفها الطبيعي؛ ثيابهم وأحذيتهم لم ٌتبلَ بعامل الزمن، وأرجلهم لم تتورم بالرغم من كثرة السير. ولم ُيذكر قط أن بينهم كان أطباء أو دواء أوأي شيء من هذا القبيل. وهكذا أُنتزع كل ضعفٍ من بينهم. قيل: "فأخرجهم بفضةٍ وذهبٍ، ولم يكن في أسباطهم عاثر (هزيل)" (مز 105: 37)... لم تضربهم أشعة الشمس في حرارتها، لأن السحابة كانت تظللهم وتحيط بهم كمأوى متحرك يحمي أجساد الشعب كله. لم يحتاجوا إلى مشعلٍ يبدد ظلام الليل، بل كان لهم عمود النار مصدر إضاءة لا يُنطق به، يقوم بعملين: الإضاءة مع توجيههم في طريق رحلتهم... قائدًا هؤلاء الضيوف الذين بلا عدد في وسط البرية بدقة أفضل من أي مرشدٍ بشري... لم يسيروا على البر فقط بل وفي البحر كما لو كان أرضًا يابسة... قاموا بتجربة جريئة تخالف قوانين الطبيعة، إذ وطأوا البحر الثائر... |
|