رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ماذا يَنفَعُ الإنْسَان لو رَبِحَ العَالَم كُلَّه وخَسِرَ نَفسَه؟ وماذا يُعطي الإنْسَان بَدَلاً لِنَفسِه؟ تشير عبارة "ماذا يَنفَعُ الإنْسَان لو رَبِحَ العَالَم كُلَّه وخَسِرَ نَفسَه؟" إلى سؤال هام ومصيري لانَّ النَّفس في نظر يسوع أهم من العَالَم أجمع. الحياة في نظر الإنْسَان لها قيمة لا تنازع. لذلك يُنبِّه المسيح الإنْسَان بهذه السُّؤال كي يستعمل الحكمة والنَّظر إلى المستقبل في الأمور الرُّوحية، كما يستعملها في الأمور التجارية. أمَّا عبارة " ماذا يَنفَعُ الإنْسَان لو رَبِحَ العَالَم كُلَّه " فتشير إلى السؤال ما النفع من الحياة الحاضرة دون الأبدية؟ إن ما نكدِّسه على الأرض لا قيمة له في شراء الحياة الأبدية. إن النجاحات على المستوى الشَّخصي والعائلي والاقتصادي والسِّياسي لا يمكن أن تضمن للإنسان الحياة الأبدية. حتى لو حصل الإنْسَان على امتلاك كل كنوز الدنيا، فجميع هذه الكنوز لا تحميه من الموت، ولا يمكن حتى أعلى مراتب الشرف الاجتماعية أو المدنية أن تضمن له الحياة الأبدية. إن عالم المتعة الذي يتركز في الممتلكات والمركز والسلطة، لا قيمة له في النهاية. فالحياة الحاضرة هي التي تُقرِّر مصيرنا الأبدي، إذ هي مقدمة للحياة الأخرى. أمَّا عبارة " العَالَم كُلَّه" فتشير إلى كل ما يمكن الإنْسَان أن يحصل عليه أو يتوقعه في هذه الأرض من لذة أو شرف أو غنى أو رتبة أو سلطة ونفوذ. أمَّا عبارة " خَسِرَ نَفسَه؟" فتشير إلى الموت أو إلى العبور بجانب ما هو أساسي وجوهري، لأنّ إن خسارة النَّفس في هذه الحالة لا تعوَّض. لكن نفس واحدة أثمن من العَالَم كله. أمَّا عبارة "ماذا يُعطي الإنْسَان بَدَلاً لِنَفسِه؟ فتشير إلى الإنْسَان الذي لا يستطيع أن يفدي حياته بشيء، لأنّ الغنى المادي لا يضمن له السَّعادة والرَّاحة في الحياة، ولا أحد يستطيع أن يدفع ثمنًا للحياة الأبدية. الأموال إن ضاعت فيمكن أن تعود، أمَّا هلاك النَّفس فخسارتها لا تعوَّض. فإن هلكت النَّفس، أي ذهبت للجحيم بعد موتها فلا فداء لها. فان خسر الإنْسَان نفسه من خلال تركه المسيح رغبة في العَالَم فاين يجد فداء آخر له؟ أمَّا عبارة " بَدَلاً لِنَفسِه؟ " في الأصل اليوناني ἀντάλλαγμα (معناها ثمن شراء) فتشير إلى شراء أو فداء أو استعادة الحياة المفقودة، كما جاء في سفر المزامير "لا يَفتَدي أَخٌ أَخاه ولا يُعطي اللّهَ فِداه: فِديةُ نُفوسِهم باهِظة وهي لِلأبدِ ناقِصَة"(مزمور 49: 8-9). وقيمة النَّفس غير محدودة فلا شيء في العَالَم يصلح أن يكون فداء عنها إلاَّ موت المسيح عنها. الرَّبّح والخسارة كلاهما كفَّا ميزان الحياة فأي الاثنين تُرجِّح؟ |
|