![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() "حجلة تنطق بصوتها (الترجمة السبعينية)، تحتضن ما لم تبض، محصل الغني بغير حق، في نصف أيامه يتركه، وفي آخرته يكون أحمق" [11]. تشير الحجلة إلى إبليس وجنوده خاصة الهراطقة، تعطي صوتها الذاتي، ولا تنطق بما لله، أما أولاد الله فينطقون بما لله لا بما لذواتهم، وكما يقول الرسول بولس: "إذ أنتم تطلبون برهان المسيح المتكلم فيَّ" (2 كو13: 3). يتحدث القديس غريغوريوس النيصيعن الإنسان الذي يرتبط بحيل إبليس ويسقط تحت خداعات العدو: [لا يعود الله الصالح الحقيقي والآب إلهًا وأبًا لذاك الذي بفساده يصير خارجًا عن القانون... وعوض الآب يأتي من يبدو أبًا والذي باطلًا يدعى الحجلة التي تحتضن ما لم تبض كقول إرميا]. يرى العلامة أوريجينوس أن الشيطان هو الحجلة مثل فرعون الذي لا يريد من الشعب إن يترك أرضه ليعيد الرب. * إنه (إبليس) لا يريدنا أن نترك أرضه (خر 1: 11)، بل يريدنا دائمًا أن نحمل صورة الترابي" (1 كو 15: 49). لكننا إن التجأنا إلى خصمه، ذلك الذي أعد لنا ملكوت السموات، يلزمنا أن نترك صورة الترابي ونقبل صورة السماوي. العلامة أوريجينوس يعلل العلامة أوريجينوسرمزية الحجلة لإبليس وتابعيه، قائلًا إن الحجلة ماكرة ومخادعة كما أنها دنسة. ماكرة تحوم حول أقدام الصيادين لتسحبهم بعيدًا عن العش وإذ تطمئن أن الصغار قد هربوا تفرد جناحيها وتطير، هكذا لا ينال الصياد شيئًا. إنها كإبليس الذي استخدم الحية القديمة أحيل حيوانات البرية التي حامت حول الإنسان ولم ينل منها شيئًا. ويتحدث العلامة أوريجينوس أيضًا عن الحجلة كحيوان يمثلٍ الدنس لأن الذكور تتشاحن معًا للتزاوج فيما بينها.الحجلة التي تحتضن ما لم تبض هي إبليس الذي يبسط شباكه خلال الهراطقة فيقتنص في أحضانه البسطاء، هؤلاء الذين هم ليسوا من خليقته ولا مولودون منه، إنه يقتنيهم بالخداع والدنس. لا يقدر إبليس أن يقول: "خرافي تسمع صوتي" (يو 10: 7)، لأنها ليست خرافه بل هي خراف الله الناطقة التي يسحبها من مصدر حياتهم ويحسبها أولادًا له. وللأسف فإن الحجلة قد اغتنت جدًا، لكنها تركتهم في نصف أيامها حين جاء السيد المسيح إلى العالم وسحب المؤمنين من حضن إبليس، وأما في نهاية أيامها فتظهر بالأكثر حماقتها. في هذا القول يقول العلامة أوريجينوس: [يقودنا الكتاب المقدس إلى تساؤلٍ هام، وهو يدور حول معرفة من هي هذه "الحجلة" المذكورة في الآية: "حجلة تحضن ما لم تبض محّصِل الغنى بغير حق. في نصف أيامه يتركه وفي آخرته يكون أحمق". نعتمد على ما يقوله "علم طبائع الطيور" بخصوص موضوع الحجلة، حتى إذا ما عرفنا خصائص هذا الطير وطباعه، نستطيع حينئذ أن نصنفه إما ضمن أنواع الطيور الصالحة أو ضمن الطيور الشريرة. يُقال إن لها عادات كريهة، وهي ماكرة وخبيثة، فحينما تريد أن تخدع الصياد، تقوم بالالتفاف حول قدمي الصياد حتى تجعله يغير اتجاهه عن مكان العش، وعندما تطمئن إلى أن الصياد لا يرى العش وإلى أن جميع صغارها قد تمكنوا من الهرب، تهرب هي أيضًا على جناح السرعة. كما أنها غير طاهرة بالمرة، لدرجة أن الذكور يتصارعون مع بعضهم في معارك فريدة من نوعها لكي يتزاوجوا ذكورًا بذكور. فبما أن لهذا الطائر عادات كريهة، وبما أنه غير طاهر، وخبيث، وكاذب، فإن إدراجه ضمن الأنواع الصالحة واعتبار أنه يمكن أن يشير إلى المخلص، هو لا شك نوع من الكفر والإلحاد. يجب علينا أن نرى هل سنحصل على سمات مشتركة تمامًا بين الشيطان والحجلة، أم لا؟]. [لنبدأ إذا بالكلمات الآتية: "حجلة جعلت صوتها مسموعًا وجَمَعت صغارًا لم تًلِدْهم". لا يجمع الشيطان خليقته الخاصة، ولا يجمع أطفالًا (صغارًا) مولودين منه، لكنه عندما يجعل صوته مسموعًا، يجمع خلائق آخر ويجعلها خلائقه. جعلت الحجلة صوتها مسموعًا عن طريق أفواه باسيليدس ومرقيون وفالنتينوس وكل الهراطقة، فلا يستطيع أحد منهم أن يردد قول السيد المسيح: "خرافي تسمع صوتي". "صوت" السيد المسيح موجود في فميّ بطرس وبولس، لهذا قال بولس: "إذًا أنتم تطلبون برهان المسيح المتكلم فيّ..." (2 كو 13: 3). لكن صوت الحجلة الذي يجمع صغارًا لم تلدهم، نجده في الذين يُضلون ويخدعون الناس البسطاء من بين المؤمنين ويستغلون سذاجتهم ونقص معرفتهم. "حجلة جعلت صوتها مسموعًا وجمعت صغارًا لم تلدهم، وهي تغتني لكن دون حُكم". لقد اغتنت الحجلة، أي الشيطان. أنظر كم من الآلاف الذين يتبعون الشيطان! كل هذه الأعداد الغفيرة أصبحت ملكًا له، بهذا فقد اغتنى دون أن يدفع شيئًا، اغتنى دون أن يبالي بحكم ودون أن يقع تحت الحكم. أما بالنسبة لمخلصي الصالح فقد اغتنى بحكم، ولقد كَلَّفه هذا الغِنَى أن ُيحَاكَم ويموت حتى يختارنا ميراثًا له]. [لقد اغتنت الحجلة! أنظر كيف صار لها ربوات تمتلكهم بالقوة العدوانية...! اغتنت دون أن تسلك بالحق ولا بممارسته]. ["في وسط أيامها يتركونها" [11]. نحن جميعًا، الذين كنا قَبلًا تحت سيطرة "الحجلة" وكنا نعمل على الاستماع لصوتها، لأنها لم تجعل صوتها مسموعًا فقط خلال الهراطقة الذين ذكرتهم، بل وخلال كل الذين يخدعون الناس ويدعون إلى تعاليمٍ وعقائدٍ ضد الحق، متظاهرين بأنهم يدعون الناس من الضلال إلى التقوى. نعم! نحن جميعًا قد "تركناها في وسط أيامها". مجموع أيامها هو في الواقع مجموع أيام هذه الحياة، وبما أن السيد المسيح قد اختارنا من وسط هذا العالم الشرير (غلا 1: 4) فقد تركناها في وسط أيامها. "وفي آخرتها تكون حمقاء" [11]، هل كانت عاقلة في يوم من الأيام؟ هل كانت حكيمة قبل ذلك حتى يُقال إنها في آخرتها ستكون حمقاء؟ نعم! كانت عاقلة، لأنها "كانت أحيل جميع الحيوانات البرية التي عملها الرب الإله" (تك 3: 1). كانت حكيمة بحسب ما قيل في إشعياء "إني أعاقب ثمر عظمة قلب ملك أشور وفخر رفعة عينيه لأنه قال بقدرة يدي صنعت وبحكمتي لأني فهيم، ونقلت تخوم شعوب" (إش 10: 12-13). بعد أن كانت حكيمة في الشر تصبح حمقاء فيه. ستفهم ماذا تعني الكلمات "وفي آخرتها تكون حمقاء" إذا عرفت ما هو الغرض الذي من أجله أوصاك الله، عن طريق بولس الرسول، أن تقبل الجهل، فهو يقول: "إن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر فليصر جاهلًا لكي يصير حكيمًا". إذ توجد حكمة مَلومة، خلالها يُحسب "أبناء هذا الدهر أحكم من أبناء النور في جيلهم" (لو 16: 8)، فإن الله في صلاحه يهلك الأضداد بالأضداد، يهلك حكمة الشيطان (الحجلة) لدرجة أنها في آخرتها تكون حمقاء. لكن متى تكون هذه الأيام الأخيرة التي تصير فيها حمقاء؟يجب أن يملك المسيح حتى يضع الرب كل أعدائه تحت موطىء قدميه، عندما يخضع الكل له، فإن آخر عدو يبطل هو الموت (1 كو 15: 25-26). إذًا نهاية الحجلة تأتي حينما يبطل الموت ]. |
![]() |
|