رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
* لا يمكن للفكر البشري أن يعرف مشاركة ومساواة الله الآب مع ابنه الوحيد ما لم يلهمه الروح القدس، وليس دم ولا لحم يقدران أن يكشفا ذلك. لكن هذا القول نطق به داود النبي بوحي الروح القدس، كما قال ربنا في الإنجيل المقدس. قوله: "قال الرب لربي" يشير إلى مساواة الآب والابن في اللاهوت والربوبية، وفي كافة الخواص الجوهرية... يدل الجلوس على اليمين الاستقرار وعدم زوال ملكه. أما اليمين فيدل على الكرامة والمفاخرة الإلهية... القول: "قال الرب لربي اجلسْ عن يميني" يدل على أن الابن لم يأخذ الكرامة والجلوس اختطافًا كما حرَّرَ الرسول: "الذي إذ كان في صورة الله لم يُحسب خلسة أن يكون معادلًا لله، لكنه أخلى نفسه آخذًا صورة عبدٍ، صائرًا في شبه الناس، وإذ وُجد في الهيئة كإنسانٍ، وضع نفسه، وأطاع حتى الموت موت الصليب" (في 2: 6-8). لكن لم يكن الابن أسفل وارتفع، ولا لأخذ كرامة لم تكن فيه أولًا، بل وهو لم يزل في أحضان أبيه تواضع، ومن بعد آلامه وموته وقيامته آخذًا مجدًا وكرامة كائنيْن فيه على الدوام كإله. وهذا الذي يقوله: الآن مجدني أنت يا أبتاه بالمجد الذي كان لي عندك من قبل كوْن العالم. فالقول: "اجلس عن يميني" قيل له من قبل الآب بعد تجسده... قولنا: جلس الابن عن يمين الآب، معناه أنه وهو في تجسده صار في كرامته يُسجَد له من الخلائق سجودًا غير منفصل، لأننا لسنا نسجد للاهوت الابن بانفراده ولناسوته بانفراده؛ كلا بل نسجد سجودًا واحدًا للابن المتجسد كما نجثو للملك اللابس البرفير بسجود واحد. الأب أنسيمُس الأورشليمي |
|