21 - 10 - 2012, 12:05 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
دراما الانتخابات الأمريكية
دراما الأنتخابات الأمريكية
مجدى خليل
ما زالت الأنتخابات الأمريكية هى الأكثر دراما وتشوق ومتعة فى كل الأنتخابات الرئاسية فى العالم كله، وكلما زادت حدة التنافس كلما زادت متعة المتابعة والأثارة والشوق لمعرفة النهايات.تأتى أنتخابات هذا العام وسط حالة من القلق على المستقبل وحيرة فى المجتمع حول تحديد من يملك بوصلة الإنقاذ، فالأقتصاد الأمريكى مازال يعيش وطأة الأزمة، وحالة المواطن الأمريكى تراجعت بكل المقاييس، فمعدل البطالة مازال يدور حول 8%، وهناك 47 مليون مواطن أمريكى يعيشون تحت خط الفقر ويحصلون على كوبونات الطعام المجانية من الحكومة، وهى أعلى نسبة منذ 28 عاما، وهناك 23 مليون مواطن بلا عمل،وأكثر من 50% من خريجى الجامعات لا يجدون فرصة للعمل،وبلغ معدل الديون الأمريكية 16 ترليون دولار وهى تفوق قيمة الناتج المحلى الأجمالى للدولة، والمؤسف أن هذه الديون زادت 6 ترليونات فى عهد أوباما فقط، وهناك نحو 50 مليون أمريكى بلا تأمين صحى.
من ناحية أخرى تركت أزمة العقارات أثارها على العائلات الأمريكية وخاصة بين الأقليات،فمنذ عام 2009 خسر اقتصاد بيت متوسط اسباني امريكي من قيمة أملاكه 66 في المائة وأصبح متوسط قيمته في هذه الفترة 6235 دولارا فقط. وانخفض اقتصاد البيت الاسود الامريكي بنسبة 53 في المائة وأصبح متوسط قيمته في تلك الفترة5677 دولارا فقط. وانخفض اقتصاد البيت الآسيوي المتوسط بنسبة 54 في المائة وتُقدر قيمته بـ 78066 دولارا. وخسر اقتصاد البيت الابيض المتوسط 16 في المائة ومتوسط قيمته 113 ألف دولار فقط.
هناك أيضا أزمة فى التقاعد، فقد تضررت أموال المعاشات والتقاعد بشكل كبير جدا خلال الأزمة حتى أنها وصلت إلى ربع قيمة ما كان يتوقع أن تكون، فى نفس الوقت فأن هناك 34% من الموظفين الذين تتراوح أعمارهم من 60-64 سنة لا يستطيعون التقاعد نتيجة الديون الباهظة المتبقية على منازلهم.
وهناك فقاعة جديدة يتوقع أن تنفجر فى أى وقت وهى ديون الطلبة والتى وصلت إلى ترليون دولار فى الوقت الذى فشل الخريجين فى التسديد نتيجة أزمة البطالة. وهناك ديون الكريدت كارد والتى جعلت حالات العجز عن الدفع متفشية بشكل ينبأ بأزمة أخرى.ولهذا لم يكن مستغربا أن كلمة أقتصاد تكررت 66 مرة فى المناظرة الأخيرة بين أوباما ورومنى، وكلمة عمل وتوظيف تكررت 57 مرة، وكلمة طاقة تكررت 33 مرة، فى حين ذكرت كلمة ليبيا 5 مرات فقط وسوريا 4 مرات فقط رغم حدة الأزمة فى الدولتين.
فى هذه الاجواء يتقدم أوباما بأجندة تعتمد على إعانة الفقراء بدلا من تنمية الأقتصاد، ويتقدم رومنى بأجندة تنموية ولكنها غير عادلة وستؤدى إلى زيادة الأغنياء غنى والفقراء فقرا، أحدهما يسارى جامح فى دولة تتزعم الرأسمالية العالمية والآخر يمينى مندفع فى دولة يزداد فيها عدد الفقراء يوما بعد يوم،أحدهما يتصرف وكأن أمريكا خارجة من التاريخ والآخر يؤمن أويدعى أنه قادر على إعادة أمريكا لقيادة حركة التاريخ ،أحدهما يجيد الكلام بدون عمل والآخر يرفع سقف التوقعات بدون أن يقول لنا كيف سيحقق ذلك،أحدهما دمر فرصة جوهرية فى الشرق الأوسط وسلم الدفة للإسلاميين بدلا من مساندة الديموقراطية الحقيقية والآخر يدعى إنه قادر على إعادة تشكيل الشرق الأوسط بدون أن يقول لنا كيف. هذه للأسف أحدى معظلات الديموقراطية الأمريكية، حيث تنحصر الخيارات بين حزبين فشل كل منهما فى السنوات الأخيرة فى تقديم الشخص الأصلح لقيادة أمريكا، ولهذا يزداد عدم اليقين يوما بعد يوم، وتزداد كتلة المترددين والمستقلين غير المنتمين لأحزاب سنة بعد سنة، وكلما أتسع حجم هذه الكتلة كلما كانت المنافسة الأنتخابية شرسة وسخنة حتى آخر لحظة، فهؤلاء الذين لم يقرروا لمن سيعطون صوتهم هم القوة الحقيقية المؤثرة فى نتائج الأنتخابات الأمريكية.
المعضلة الحقيقية تتلخص فى أن أمريكا دفعت فاتورة ضخمة لقيادة العالم دون أن تستفيد أقتصاديا بنفس القدر، وفى الوقت الذى تصبح فيه السياسة عبئا على الأقتصاد يبدأ التراجع. بل وصل الأمر أن أمريكا انفقت على حربى العراق وأفغانستان من القروض وليس من الموارد الخاصة بالدولة، وهذا تطور خطير أن تقترض الدولة عدة ترليونات للأنفاق على حروب يمكن تجنبها.
إن المحنة الحقيقية فى أن أوباما من وجهة نظرى لا يؤمن بأمريكا الرائدة القوية ويقود أمريكا وكأنها خارجة من التاريخ مما قد يعجل بهذا الأمر فى حين أن رومنى يطرح عودة الدور الأمريكى بدون خطة لتوازن السياسة مع الأقتصاد، وأمريكا تحتاج إلى شخص يعيد الدور الأمريكى من خلال جعل السياسة تخدم الأقتصاد وتعيده إلى عنفوانه ومساره الصحيح... وللأسف هذا الشخص لم يظهر حتى الآن.
|