رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ملجأ في الضيق يبدأ المزمور بتسبحة لله، حيث يجد المرتل ملجأً وثباتًا في قلب الله. إنها تسبحة النصرة على كل متاعب الخطر. ثَابِتٌ قَلْبِي يَا اللهُ. أُغَنِّي وَأُرَنِّمُ. كَذَلِكَ مَجْدِي [1]. جاء عن الترجمة السبعينية والقبطية: "مستعد قلبي يا الله، مستعد قلبي. أُسَبِّح وأُرَتِّل في تمجيدي". * "مستعد قلبي يا الله، مستعد قلبي" إني مستعد ليس فقط بالعمل، وإنما أيضًا بالقلب والعقل. قلبي مستعد من جهة الرغبة، قلبي مستعد من جهة الخدمة بالعمل . * "أُسَبِّح وأُرَتِّل في مجدي". ببساطة يعني عندما أُسَبِّحك بلحنٍ يا رب، عندما أُرَتِّل لك لا أُقَدِّم لك نفعًا، إنما هو لي وحدي. بالحقيقة يقول مزمور آخر: "لا تحتاج إلى صلاحي" (راجع مز 15: 2). لذلك ما أفعله، إنما أفعله لخيري أنا. إذ أخدمك، هذا مجد لي. نحن نصوم، فهل نعطي الله شيئًا؟ نفعل هذا من أجل خطايانا. ننام على مسح. ماذا يفعل الله بهذا؟ أمر واحد فقط، نُخَلِّص نفوسنا، وهذا هو ما يشتهيه. كما أن الطبيب الصالح واللطيف يفرح بمريضه عندما يشفيه هكذا يفعل ربنا . القديس جيروم * أردف النبي كلمة "مستعد قلبي" مرتيْن، لأنه إن كان الذي يكون عازمًا على قبول مَلِك في منزله يهيئ نوعيْن، أولًا ينظفه من الأوساخ، وثانيًا يُزَيِّنه بنفائس الأمتعة وأفخرها، كذلك المُزْمِع أن يَقْبَل المسيح حالًا في قلبه، ينبغي عليه أن يُطَهِّره باعترافه بذنوبه، ويُجَمِّلَه بزينة الأعمال الحميدة الصالحة. فطوبى لأنقياء القلب، لأنهم يعاينون الله، ويُسَبِّحون ويرتلون له في مجدهم، أعني في فضائلهم الفكرية والعملية التي تمجدهم وتشرفهم في دنياهم وآخرتهم. وأيضًا يكون مجدهم هو المسيح الذي عندما أخذ ما يخصنا نحن نظراء صورته وشركاء مجده. الأب أنسيمُس الأورشليمي اسْتَيْقِظِي أَيَّتُهَا الرَّبَابُ وَالْعُودُ. أَنَا أَسْتَيْقِظُ سَحَرًا [2]. جاء عن الترجمة السبعينية والقبطية: "استيقظ يا مجدي. استيقظ أيها المزمار والقيثارة. استيقظ وقت السحر". يريد المرتل أن يُسَبِّح الله في السحر قبل شروق الشمس، مؤكدًا أن الليل لم يعوقه عن التفكير في معاملات الله مع شعبه كما معه هو شخصيًا، فيُقَدِّم باكورة يومه للتسبيح والشكر لله. يرى القديس جيروم أن الحديث هنا موَّجه أيضًا من الابن المتجسد إلى الآب. بتجسده يعلن كلمة الله أنه يحمل قيثارة تأنسه، ليعزف عليها لحن الحب الإلهي نحو كل البشرية. نزلتْ نفسه إلى الجحيم تعزف لحن النصرة، فتطلق نفوس الراقدين على الرجاء وتُحَرِّرها من العبودية، وتنطلق بها إلى الفردوس. * كما أن المزمار يحوي أوتارًا كثيرة، وإن انكسر وتر واحد تصير الآلة كلها بلا نفع، هكذا أيضًا في أعمالنا، إن عصينا وصية واحدة ينكسر مزمارنا . * إن كنتَ مزمارًا، إن كنتَ قيثارة، لماذا أنت صامت لا تُمَجِّد الله؟ "استيقظ وقت السحر". لا توجد بركة ولا تسبيح لله في الظلمة، وإنما في النور. إنني أود أن أقول شيئًا مروعًا. فإننا حتى إن قمنا في الليل لنبارك الله في النور. فإن المسيحي ليس له ليل، بل شمس البرّ دومًا مشرقة بالنسبة له . * حسب تفسير آخر، فإن الرب نفسه يقول: "قلبي مستعد يا الله، قلبي مستعدً. أنا مستعد هنا؛ وأنا مستعد في العالم العتيد. أنا مُخَلِّص على الأرض؛ وأنا مُخَلِّص في السماء. أنا أهب الحياة الأبدية لكل من الملائكة والبشر. "استيقظ أيها المزمار والقيثارة. يُحَدِّث الرب جسمه: المزمار والقيثارة، يا من نزلت إلى الجحيم واستراحت، استيقظ ومَجِّدْ الرب. تأكدوا أنكم تفهمون ما أقول. ليس من يُمسك المزمار والقيثارة يُسَبِّح، وإنما المزمار والقيثارة هما يسبحان الآب. إنه الآب، وهو مُبارَك ومُسَبَّح من الآخرين، أما جسد (المسيح) وناسوته الذي أخذه فيُسَبِّحان الرب . القديس جيروم * بقوله: "استيقظ يا مجدي"، يستحث وينهض روح النبوة التي كانت فيه لتمجده بالمجد الروحي. وبقوله المزمار والقيثارة ينهض قوى نفسه وحواس جسده، لكي تتفق الجهتان في تسبيح الله بالنظم والانضمام ولقبول الروح القدس. وأيضًا ينهض العهدان القديم والجديد، لكي باتفاق واحد يخبران عن أعمال تجسد ربنا. لأن العهد القديم يحتوي على خبر سابق فيما كان مزمعًا أن يكون. وأما العهد الجديد فيخبر بانجاز النبوات. وقوله "السحر" يوضح الزمان الذي أشرق فيه شمس البرّ الذي هو ربنا يسوع المسيح. أعني وقت تجسده، لأن داود منذ ذلك الحين حتى الانقضاء يُسَبِّح ويرتل لله معنا نحن الذين استنرنا، ونسلك كما في نهارٍ حسن. قال ايسيشيوس: لما استحث النبي المسيح بقوله: "استيقظ يا مجدي"، يكون كما من قبل ربنا جوابنا له: نعم أنا استيقظ، وأقوم من الأموات كمن من نومٍ مبكرٍ. الأب أنسيمُس الأورشليمي أَحْمَدُكَ بَيْنَ الشُّعُوبِ يَا رَبُّ، وَأُرَنِّمُ لَكَ بَيْنَ الأُمَمِ [3]. جاء عن الترجمة السبعينية والقبطية: "فأعترف لك في الشعوب، يا رب. وأرتل لك في الأمم". * كأن المرتل يشترك معنا نحن المؤمنين بالمسيح، لأننا إذ نتلو ما يرنم به، يكون قد سبَّح ورتل لله معنا وسط الشعوب بخصوص الخلاص الذي قدَّمه السيد المسيح. الأب أنسيمُس الأورشليمي لأَنَّ رَحْمَتَكَ قَدْ عَظُمَتْ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ، وَإِلَى الْغَمَامِ حَقُّكَ [4]. جاء عن الترجمة السبعينية والقبطية: "لأن رحمتك قد عظمت فوق السماوات، وإلى السحاب حقك". * لا يوجد مخلوق لا يعتمد على حنو الله. كل واحدٍ منا في حاجة إلى عطف الله. جبرائيل وميخائيل والسيرافيم والشاروبيم. والقوات والسلاطين، جميعهم مُقَدَّسون بالحق، لكنهم يقفون في عوزٍ إلى مراحم خالقهم. لست أُقَلِّل من شأن الملائكة، إنما أعلن عن خالقهم، إذ الملائكة أنفسهم يقدمون له المجد بإرادتهم الحرة وبسرورٍ. يمكن أيضًا أن نُعَبِّر عما حملته هذه العبارة من فكرٍ بطريقة أخرى: حنوك يرفعنا من الأرض إلى السماء. "وحقك إلى السحاب"... كيف يبلغ حق الله إلى السماء؟ يقول ابن الله: "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 14: 6). وهو نزل إلى الأرض وتحدث مع البشر (باروخ 3: 38). كيف إذن حق الله في السحاب؟ واضح تمامًا أن النبي يشير إلى الرسل والقديسين. "قد عظمت فوق السماوات". الله لا يتعظم على الأرض. فإننا إذ نكون أرضيين لا نعَّظم الله، لكن إذ نتحول من أرضيين إلى سمائيين فإننا نعظَّم الله . القديس جيروم * قوله: "رحمتك قد عظمت فوق السماوات وإلى السحاب" معناه أن رحمتك هي أوسع وأعرض من السماء، وتُغَطِّي جميع خطايانا من فوق. وأن بداية الرحمة على الأرض ومنتهاها إلى السماء. وأعني أنك ترحم الناس الذين على الأرض، كما جاء أن الأرض مملوءة من رحمتك، ونهاية الذين يُرحَمون هو البلوغ إلى السماء. أما قوله "إلى السحاب" عن الأنبياء والرسل، فلكونهم مرتفعين وشرفاء، ولأن الله يُمْطِر تعاليمه ليروي الناس برسله وأنبيائه... قول النبي: "رحمتك عظيمة في السماوات" معناه أن لاهوته يعظمه الملائكة فوق السماوات. وأيضًا قد استعلن عظمته وجلاله للكافة عندما صعدت إلى السماوات، إذ كان يغشاه الناسوت حينما كنت على الأرض، أعني قبل صعودك إلى السماء كان الناس لا يعرفون عظمة لاهوتك. أما الآن فعرفوا أنك إله عظيم في السماوات ومُمَجَّد. الأب أنسيمُس الأورشليمي ارْتَفِعِ اللهُمَّ عَلَى السَّمَاوَاتِ، وَلْيَرْتَفِعْ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ مَجْدُكَ [5]. بروح النبوة رأى المرتل السيد المسيح صاعدًا إلى السماء فتهللت نفسه، مشاركًا التلاميذ الذين رجعوا من جبل الزيتون إلى أورشليم بفرحٍ عظيمٍ. أدرك المرتل أنه يشترك مع رجال العهد الجديد في التسبيح، إذ صار له رصيد في السماء. بصعود السيد المسيح رأس الكنيسة الجامعة، صار لكل الجسد من أناس الله في العهدين القديم والجديد حق الانطلاق إلى السماء. أدرك المرتل أنه في مجدٍ عجيبٍ، إذ صار يرتفع من التراب والمزبلة ليجلس مع أشراف أشراف شعبه، أي مع الطغمات السماوية. * يحتوي هذا القول على نبوة عن صعود ربنا يسوع المسيح إلى السماوات. * بصعوده وإرسال روحه القدوس خلَّص أحباءه، أعني بهم الناس الذين من أجل محبته لهم نزل وتجسد وخلَّصهم من الشيطان. الأب أنسيمُس الأورشليمي |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ويكون الرب ملجأ للمنسحق ملجأ في أزمنة الضيق (مز 9: 9) |
(مز 9: 9) ويكون الرب ملجأ للمنسحق ملجأ فى أزمنة الضيق |
ملجأ فى ازمة الضيق |
ملجأ فى أزمة الضيق |
" ويكون الرب ملجأ للمنسحق ملجأ فى أزمة الضيق " |