منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 21 - 10 - 2012, 10:02 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,515

فيليكس وطائر النهضة


0 0


New


فيليكس وطائر النهضة
عبير ياسين
لا أعتقد كمشاهد أنه يمكن نسيان تلك المشاعر التى صاحبتنى وأنا أتابع قفزة المغامر النمساوى "فيليكس بومجارتنر" على الأرض وخاصة فى تلك اللحظة التى خرج فيها من كبسولته ووقف ناظرًا إلى الأرض ومستعدًا لخوض غمار التجربة والهبوط..
كانت اللحظة قوية ومثيرة لدرجة تطرح تساؤلات كبرى حول مشاعر فيليكس نفسه وكل ما دار بذهنه فى الرحلة بشكل عام وفى تلك اللحظة بشكل خاص.
وخلال رحلة صعوده إلى نقطة النزول على ارتفاع 38 كيلومترًا على سطح الأرض كان هناك الكثير من التفكير حول الأرض التى يرغب البعض فى مغادرتها كليًا لما فيها من حروب ومعاناة وآلام بحثًا ربما عن "عالم تانى فيه الإنسان لسه إنسان" كما تغنى يومًا مدحت صالح.
حملت التعليقات الساخرة نفس الفكرة حين طالبت فيليكس بالبقاء خارج الأرض؛ لأن من عليها يرغب فى مغادرتها.. كانت السخرية واضحة على هامش رحلة فيليكس وقفزته وظهرت على وسائل التواصل الاجتماعى بالتعليقات التى امتدت لتشمل ما هو اجتماعى وما هو سياسى، ما هو محلى وما هو دولى.
ومع الوقت رأى البعض أن تلك السخرية دليلٌ على سطحية المواطن المصرى، وعلق البعض الآخر بصورة طبقية بأن ما يحدث هو ضآلة فكرية نابعة من التعليم المصرى شاكرًا التعليم الأجنبى الذى تمتع به أو يتمتع به أولاده.
فى حين تمتع البعض الآخر مثلى بالكوميديا المحيطة وما فيها من مشاهدات، وبالفعل أثارتنى المشاهدة والمتابعة، والأكثر أهمية قراءة تلك الكوميديا المصرية الساخرة الجديرة دومًا بالدراسة والفحص الدقيق.
نقلتنى المشاهدة إلى عالم مختلف ورؤية قديمة من فيلم "تايتنك" الشهير والذى ظهر عام 1997، حيث ظلت دومًا المفارقة القائمة على مقارنة تعامل البشر ممثلين فى ركاب السفينة مع الأزمات ممثلة بالطبع فى انتظار الغرق.
البعض حاول النجاة بنفسه دون الاهتمام بمصير الآخرين، والبعض فضّل التضحية حتى يعطى الفرصة لغيره سواء من عرفهم أو من لم يعرفهم، والبعض استمر فى عمله حسبما تقتضى مكانته ويتطلب دوره، مستمرًا فيما يفترض أن يقوم به فى الظروف العادية، والبعض فضل أن يكون فى صورة جميلة ومحترمة ما دامت هى لحظة الرحيل.
فى النهاية عاش من عاش ومات من مات، ولكن ظلت القيمة للمشاهد فى تقدير السلوك الإنسانى واستنكار غيره.
وعادة يكون من السهولة أن نحكم على مشهد سينمائى لا نعايشه، وربما أن تعرضنا لنفس الموقف أو موقف خطر وتحدى مشابه تصرفنا بطريقة لا نتصورها عن أنفسنا فلا يمكن الحكم ونحن فى مساحتنا الآمنة نشاهد عبر المسافات.
ولكن المهم أن هناك فارقًا أساسيًا بين تصور الموقف واختباره، ولهذا يصعب على البعض وضع أنفسهم محل الآخرين أو فهم ما تعنيه بعض الأشياء الواردة من سياق مختلف، أو تقدير قيمة أشياء صغيرة لهم ولكنها كبيرة لغيرهم.
وفى هذا السياق مثّل فيليكس لحظة تحدٍ شخصية وعلمية، عبّر عن شجاعة الفرد وقيمة العلم ولكن خارج سياقه ومن مشاهدات الفيس بوك عبّر عن "تايتنك" الغارقة فى قدرتها على التمييز بين البشر وفقًا لإنسانيتهم ومبادئهم وعلمهم وما يفعلونه بهذا العلم، وحول رؤية البشر للحدث وقيمته، ورؤيتهم له فى ظل واقعهم المعاش.
فمن جلس وشاهد التعليقات الساخرة ورد عليها بشكل طبقى فيه درجة واضحة من الاستعلاء النابع من مقارنته بين "معرفته" و"جهل" الآخرين افتقد أبسط قواعد العلم والعالم، فالعالم الحقيقى كالشمس يمنح ضوءًا لكنه لا يستعلى على البشر بما يمنح ولا بما يعرف.
العالم الحقيقى يمد يده لغيره من أجل المعرفة كضوء الشمعة الذى ينير لنا الظلام دون أن تشكوى الذوبان، وفى كل الحالات لا قيمة لعلمٍ دون قلب ولا قيمة لبشر دون إنسانية مهما كانت الشهادات والألقاب الرسمية، تلك التعليقات رغم قلتها كانت قريبة لمن يطعن غيره بالكلمات حيث لا دماء تنزف ولكن آلم مستمر.
موقف دائمًا يستوقفنى ولكنه هنا كان حادًا وموجهًا نحو كل من درس فى ظل منظومة التعليم المصرية مقارنة بمن درس فى ظل منظومة تعليم أجنبية، ومازال السؤال عن أى ثورة وإصلاح تتحدث تلك الوجوه وهى فى داخلها تؤمن بأن غيرها لا يستحق وليس لديه أمل فى التغيير والتقدم؟! مجرد سؤال.
سؤال يقود لواقع ثورة حدثت فى مصر مع موجة سخرية وصاحبتها ومازالت موجات من السخرية.. ثورة بدأت بموعد محدد سلفًا للنزول والتظاهر، وخلقت أجواءها الخاصة فى الميادين والشوارع، ورسمت وسط الألم بسمات ساعدت على الاستمرار والبقاء، ومازالت قادرة على خلق المزيد من الكوميديا كموازن مهم لحالة الألم والغضب وبث الأمل.
سؤال يتردد بطريقة إنشائية حول فكرة لا تقتل حلمك، فمؤكد أن هناك من ضحك من فكرة الثورة وهناك من ضحك من فكرة فيليكس نفسها، ولكن عند الممارسة ينسى البعض تلك الخطب ويظهر بعضه الآخر المترسخ فيه أنه مختلف عن غيره.
بالمقابل فإن التعليقات الساخرة والتى تتنوع بدورها بين من يهدف للضحك فقط أيًا كانت وسيلته، ومن يهدف للضحك فى حدود اللياقة، ومن يهدف للضحك مع تقديم فكرة أو موقف عبر نقد الواقع كانت الأكثر حضورًا والأكثر أهمية.
وعلى الرغم من تساؤلى الدائم حول حدود الكوميديا والسخرية، ومتى تبدأ ومتى تنتهى فإن تلك التساؤلات لا تقلل من قيمة السخرية والكوميديا ولا دورها فى واقعنا المصرى.. فمن جانب ومن واقع مشاهدات غير متخصصة تمثل السخرية أيًا كانت صورتها وسيلة لتنفيس القدر، فالنكته تحولت للمواطن المصرى المطحون على أكثر من صعيد "سياسى واجتماعى واقتصادى" إلى وسيلة للتعبير الآمن، إن جاز القول.
فقدرته على اختراع النكتة وتداولها هى سخرية من واقعه يبادر إليها قبل أن يسخر منه غيره باعتبار أن السخرية من الذات أخف وطأة من سخرية الآخرين منا، كما أنها وسيلة للقول إن لديه رأيًا أو إنه يؤيد أو يرفض رأيًا معينًا تم التعبير عنه بنكتة ساخرة، ربما تزيد أحيانًا لدرجة أنها تغطى على الحدث الأصلى ولكنها كالحياة مليئة بالمشاهدات والصور والصخب والهدوء، ولكن فى النهاية يبقى ما يفيد ويهم بعد أن ينقشع ضباب اللحظة.
وبالعودة للحظة يمكن أن نجد -كما هو الوضع دائمًا- الكثير من الإبداع والعفوية والبساطة الجميلة فى قدرتها على التعبير، فمن يملك الاعتراض على من قارن بين وضعه فى التوجه لعمله أو مكان دراسته الموجود فى نفس الكوكب ونفس البلد فى عدة ساعات، في حين أن فيليكس يقطع كل تلك الرحلة للأرض فى عدة دقائق؟! هى سخرية مريرة تعبر عن قضية تشغل حياة الناس التى تعانى يوميًا من تلك المشكلة.
من يملك أن يستنكر على الناس مقارنة ما يرونه إنجازات شخصية محلية بما فعله فيليكس محملين فارق الإمكانيات المسئولية على اختلاف الإنجاز، ففى النهاية كل فرد له تصوره حول ما أعطته الحياة من فرص وعن وضعه إن اختلف ما حصل عليه.
من يملك أن يعترض على الكثير من التعليقات السياسية الساخرة وسط واقع عابث تشهده مصر، وهنا لم يستثن أحد من السخرية، ففى حين استطاع فيليكس أن يقوم بقفزته الشهيرة بمساعدة فريقه المكون من مائة عضو وبشكل منظم من كل النواحى مازالت الشائعات والتسريبات سيدة الموقف فى الكثير من الأوضاع فى مصر سواء الجمعية التأسيسية والدستور أو طائر النهضة الأسطورى الذى كان لفيليكس السبق فى تأكيد وجوده فى رحلته للبحث عن الطريق لمصر المحروسة!!
من يملك أن يعترض على أن يمارس الناس الحق فى السخرية لبعض الوقت وأن تصيبهم طفرة ضحك تخرجهم من مشاكلهم اليومية ولو لدقائق، ومن يملك أن يحرمهم الحق فى تلك السخرية بعد أن حرمتهم الظروف من الكثير من أبجديات الحياة الإنسانية الكريمة؟.
شكرًا لفيليكس لأنه كان بالنسبة للمصريين دقائق من السعادة والسخرية من الذات.. شكرًا لأنه كان فاصلًا خفيفًا وسط واقع ثقيل ولأنه وهو المهم أكد لنا وجود طائر النهضة علنا فى المرة القادمة نحتفل بهبوط طائر النهضة نفسه على أرض المحروسة.
وشكرًا ممتدة لشعب يرسم البسمة من الألم ويغزل من الحزن كلمات غزل ومن دموع العين يكتب كلمات أمل ويعزف موسيقى الحياة.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
Ho ho سنومان وطائر الكريسماس
قصة الذئب المكّار وطائر الكركي
التعشيش لدى طائر الطاووس وطائر الدراج
الفرق بين طائر الطاووس وطائر الدراج
الراهب وطائر السمان المهاجر


الساعة الآن 01:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024