رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"أنتِ تركتيني يقول الرب. إلى الوراء سرتِ، فأمد يدي عليكِ وأهلككِ. مللت من الندامةِ" [6]. هكذا بالتجسد يمد الله يده لنا، فنقول مع القديس يوحنا: "فإن الحياة أُظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا" (1 يو 1: 2). بيده المبسوطة ينال المؤمنون الخلاص بينما يهلك الآشرار المصممون على عدم الإيمان، إذ قيل: "لهؤلاء رائحة موتٍ لموتٍ، ولأولئك رائحة حياة لحياة" (2 كو 2: 16). وكما قال السيد المسيح لغير المؤمنين: "لو لم أكن قد جئت وكلمتهم لم تكن لهم خطية، وأما الآن فليس لهم عذر في خطيتهم" (يو 15: 22). أخيرًا إذ رفضوا يده الممدودة قال: "مللت من الندامة" [6]. وقد جاءت كلمة "مللت" بمعنى "تعبت"، كأن الله قد انتظر طويلًا لعلهم يرجعون، مشبهًا نفسه بالعريس الذي يمد يده لعروسه الخائنة مترقبًا عودتها، وقد طال انتظاره جدًا. لعل تعبه يشير إلى أنه في انتظاره لم يكن في موقفٍ سلبي، بل بذل كل الجهد لردها إليه كمن تعب، لأنه يرى هلاكها القادم حيث تلقي نفسها بنفسها فيه. فهو وإن سمح بتأديبها لكنه يتعب إذ يريد راحتها وفرحها وسلامها ومجدها وخلاصها الأبدي. يرى البعض أن بقوله "مللت من الندامة" [6]، يعني أن الله قد ملَّ من ندامة الشعب الباطلة، إذ يترددون متذبذبين بين الانغماس في الشر والدعاء لله. تأكيده "أمدّ يدي عليكِ" [6] يوضح أن ما سيحل عليها من أسر البابليين لها لا يرجع إلى قوة بابل وإنما إلى سماح الله لهم بذلك لتأديبها. فالسبي ليس ثمرة معركة بين بابل ويهوذا، إنما هو ثمرة سقوط وانحلال مملكة يهوذا واعتزالها إلهها رب الجنود، مصدر قوتها. |
|