رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تَاهُوا فِي الْبَرِّيَّةِ فِي قَفْرٍ بِلاَ طَرِيقٍ. لَمْ يَجِدُوا مَدِينَةَ سَكَنٍ [4]. ينطبق هذا القول على اليهود الذين تاهوا في البرية أربعين عامًا، ولم يعبروا إلى أرض الموعد، باستثناء يشوع بن نون وكالب. كما ينطبق على البشرية ككل، فقد عاشت كما في حالة تيه منذ سقوط آدم حتى جاء كلمة متجسدًا ليعبر بهم إلى حضن الآب، ويتمتعوا بأورشليم السماوية كوطنٍ يستقرون فيه أبديًا. يرى القديس جيروم أن الأمم تاهوا في البرية، ولم يجدوا المدينة. فقد بحث سقراط وأفلاطون وأرسطو وغيرهم عن المدينة، لكنهم تاهوا كمن في برية قاحلة. فإن تعاليم الفلاسفة دون طلب نعمة الله وعونه لا تُقَدِّم الطعام الحقيقي ولا المياه الحية. إنهم أشبه بالمرأة نازفة الدم التي أنفقت كل معيشتها على الأطباء ولم تُشف (لو 8: 43-49؛ مر 5: 25-35؛ مت 9: 20-23). لكنها عندما صرخت إلى الرب ولمستْ هُدب ثوبه شُفيتْ. * خرج من نظام الشركة نوع آخر من الساعين وراء الكمال، يُدعون بـ"المتوحدين" أي المنعزلين. وإذ لم يكتفوا بنصرتهم، إذ داسوا حيل إبليس الخفية تحت أقدامهم وهم يعيشون وسط الناس، اشتاقوا أن يدخلوا في حرب علانية ومعركة مكشوفة مع العدو. هكذا لم يخشوا التوغل في أعماق البرية، مقتفين آثار يوحنا المعمدان الذي قضى كل حياته في الصحراء، كذلك إيليا واليشع، إذ يتحدث الرسول عنهم قائلًا: "طافوا في جلود غنمٍ وجلود معزى معتازين مكروبين مُذَلّين، وهم لم يكن العالم مُستَحِقًا لهم، تائهين في براري وجبال ومغاير وشقوق الأرض" (عب 37:11-38). تكلم عنهم الرب مع أيوب بصورة رمزية قائلًا: "من سرَّح الفراءَ حُرًّا ومن فكَّ رُبُط حمار الوحش، الذي جعلتُ البرية بيته والسباخ مسكنه. يضحك على جمهور القرية. لا يسمع زجر السائق. دائرة الجبال مرعاه وعلى خضرةٍ يفتّش" (أي 5:39-8). أيضًا يقول سفر المزامير: "ليقل مفديو الرب الذين فداهم من يد العدوّ" ثم يكمل قائلًا: "تاهوا في البرية في قفر بلا طريق. لم يجدوا مدينةَ سكنٍ. جِياع عِطاش أيضًا أعيت أنفسهم فيهم. فصرخوا إلى الرب في ضيقهم فأنقذهم من شدائدهم" (مز:107: 4-6). يصفهم إرميا أيضًا قائلًا: "جيّد للرجل أن يحمل النير في صباهُ. يجلس وحده ويسكت لأنه قد وضعه عليهِ" (مرا 27:3، 28). وتخرج كلمات المرتل من القلب: "صرت مثل بومة الخِرَب. سَهدتُ وصرتُ كعصفورٍ منفرد على السطح (مز 6:102-7) . الأب بيامون |
|