يعلق العلامة أوريجينوس على العبارة:
"جعلوه خرابًا ينوح عليّ وهو خرب. خربت كل الأرض بسببي" [11]، قائلًا:
[من هو ذاك الذي يقول: "خربت كل الأرض بسببي"؟ إنه السيد المسيح.
من المؤكد قبل مجيء السيد المسيح كان هناك العديد من الخطايا بين الشعب، لكنها لم تكن كثيرة إلى درجة أن ُيسَّلَم الشعب للهلاك الأبدي، لكنهم حينما ملأوا كيل (كأس) آبائهم، لم يكتفوا بقتل الأنبياء واضطهاد الأبرار، قتلوا أيضًا مسيح الرب، فتمت بشأنهم الكلمات: "هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا" (مت 23: 37)، وهكذا فإنه "بسبب" السيد المسيح تحملوا هذا المصير وخربت كل أرضهم.
إذا أردت أن تفهم الكلمات: "خربت كل الأرض بسببي"، بطريقة أكثر سموًا، انظر كيف خربت الأرض التي في داخلك حينما جاء السيد المسيح. ففي الواقع قد خربت حينما قمنا بإماتة الأعضاء الأرضية، فلم تعد الأرض التي في داخلنا تنتج الأعمال الأرضية، ولم تعد توجد عند البار أعمال الجسد التيهي فسق، نجاسة، شهوة، زنا، سحر إلخ. يقول المخلص أيضًا من جهته: "أتظنون إني جئت لأعطي سلامًا على الأرض؟! كلا، أقول لكم بل انقسامًا" (لو 12: 51).قبل مجيء المسيح لم يكن هناك انقسام على الأرض، لأن لم تكن للجسد شهوات ضد الروح ولم يكن للروح أن تشتهي ضد الجسد. لكن عندما جاء إلينا المخلص وعرفنا ما هي أعمال الجسد وما هي أعمال الروح، بهذه المعرفة حدث الانقسام الذي فصل بين الجسد "الأرض" والروح. ستتحقق الكلمات "خربت كل الأرض" حينما نحمل في جسدنا إماتة الرب يسوع، وحينما لا نحيا بحسب الجسد بل بحسب الروح، وحينما لا نزرع شيئًا في الجسد إنما نزرع كل شيء في الروح حتى لا نحصد فسادًا من الجسد، إنما نحصد بالروح حياة أبدية].