فَأَخْرَجَهُمْ بِفِضَّةٍ وَذَهَبٍ،
وَلَمْ يَكُنْ فِي أَسْبَاطِهِمْ عَاثِرٌ [37].
لقد أعطاهم الرب نعمة في أعين المصريين،
عندما سألوهم فضة وذهبًا قدموهما لهم بغير تردد.
هذا ولم يوجد بينهم عاثر أي ضعيف أو مريض يعجز عن القيام
برحلة الخروج. هكذا أخرجهم الرب بيدٍ قوية وذراعٍ رفيعة.
* أمرهم أن يستعير كل منهم من جاره المصري أوانٍ ذهبية وفضية، وخرجوا من مصر، بينما كان المصريون يدفنون أبكارهم. خرجوا فرحين من العبودية القاسية. أما الحزن والبكاء، فكان من نصيب المصريين بسبب هلاك أبكارهم. ولذلك قال موسى: "هذه الليلة هي للرب" (خر 12: 42) التي وعد أن يفتدينا فيها. وكل هذه الأشياء إنما هي سرّ النفس التي اُفتديتْ بمجيء المسيح، لأن كلمة "إسرائيل" تُفَسَّر بمعنى العقل الذي يعاين الله، فإنه يتحرر من عبودية الظلمة، أي من المصريين روحيًا .
القديس مقاريوس الكبير
* أما ثيابهم وأحذيتهم وأبدانهم فقد فقدت ضعفها الطبيعي. فثيابهم وأحذيتهم لم تبل بعامل الزمن، وأرجلهم لم تتورم رغم كثرة السير. ولم يذكر قط أن بينهم كان أطباء أو دواء أو أي شيء من هذا القبيل. وهكذا قد انتُزِعَ كل ضعفٍ من بينهم. فقد قيل: "فأخرجهم بفضة وذهب، ولم يكن في أسباطهم عاثر (هزيل)" (مز 105: 37)... أشعة الشمس في حرارتها لم تضربهم، لأن السحابة كانت تظللهم، وتحيط بهم كمأوى مُتَحَرِّك يحمي أجساد الشعب كله. ولم يحتاجوا إلى مشعل يبدد ظلام الليل، بل كان لهم عمود النار كمصدر إضاءة لا يُنطَق به يقوم بعمليْن: الإضاءة مع توجيههم في طريق رحلتهم... قائدًا هؤلاء الضيوف الذين بلا عدد في وسط البرية بدقة أفضل من أي مُرشِدٍ بَشَرِي. ولم يرحلوا فقط على البرّ بل وفي البحر كما لو كان أرضًا يابسة... فقد قاموا بتجربة جريئة تخالف قوانين الطبيعة. إذ وطئوا البحر الثائر، سائرين فيه كما على صخرٍ يابسٍ صلبٍ. فإذ وضعوا أقدامهم فيه، صارت مادته كالأرض اليابسة... وإذ وصل إليه الأعداء عاد إلى ما كانت عليه طبيعته، فصارت للأولين مركبة وللأعداء قبرًا... فقام البحر الذي لا يفهم بدور مُحْكَم كأعقل وأذكى إنسان، قام بدور حارس مرة، وبدور منتقم مرة أخرى، مُعْلِنًا هذا العمل المتناقض في يوم واحد.
القديس يوحنا الذهبي الفم
* كل من كان فيكم "ثيؤفيلس" (لو 1: 3) فهو "عزيز" (ممتاز) وقوي جدًا. هذا ما تعنيه كلمة θεοφιλος في اليونانية. ليس من ثيؤفليس من هم ضعيف. يقول الكتاب عن شعب إسرائيل عند خروجهم من مصر: "لم يكن في أسباطهم ضعيف" (مز 105: 37). أستطيع في جسارة أن أقول إن كل واحدٍ هو ثيؤفيلس نشيط، لديه غيرة وقوة من عند الله ومن كلمته. يستطيع أن يتعرف على الحق، وعلى تلك الكلمات التي بها يتعلم، ويفهم كلمة الإنجيل في المسيح. الذي له المجد والسلطان إلى دهر الدهور.
العلامة أوريجينوس