رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صاروا في فراغ: 10 عَلَى الْجِبَالِ أَرْفَعُ بُكَاءً وَمَرْثَاةً، وَعَلَى مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ نَدْبًا، لأَنَّهَا احْتَرَقَتْ، فَلاَ إِنْسَانَ عَابِرٌ وَلاَ يُسْمَعُ صَوْتُ الْمَاشِيَةِ. مِنْ طَيْرِ السَّمَاوَاتِ إِلَى الْبَهَائِمِ هَرَبَتْ مَضَتْ. 11 «وَأَجْعَلُ أُورُشَلِيمَ رُجَمًا وَمَأْوَى بَنَاتِ آوَى، وَمُدُنَ يَهُوذَا أَجْعَلُهَا خَرَابًا بِلاَ سَاكِنٍ». "على الجبال أرفع بكاءً ومرثاة، وعلى مراعي البرية ندبًا، لأنها احترقت، فلا إنسان عابر، ولا يُسمع صوت الماشية. من طير السموات إلى البهائم هربت، مضت. وأجعل أورشليم رُجمًا ومآوي بنات آوي، ومدن يهوذا أجعلها خرابًا بلا ساكن" [10-11]. السبب الثاني لعدم مبالاتهم بحالهم هو الدخول إلى حالة فراغٍ داخلي. فالنفس لا تشبع من الله خالقها، وتحمله كسماء وعرش له. تفقد تقديرها لخلاصها، ولا تدرك حقيقة مركزها، فتعيش كمرعى احترق، يصير خرابًا لا يعبره إنسان ولا يُسمع فيه صوت ماشية، ولا يهيم فيه طير. إنما يسكنه بنات آوي. لقد صعد إرميا على الجبال، أي على شريعة الله ومن هناك تطلع إلى البرية، فوجد مراعيها قد احترقت بنيران الشهوات وحلّ بها الخراب، فرفع صوته وبكي، مقدمًا مرثاته على شعبه الذين دخلوا إلى حالة فراغ. الشرير تتحول أورشليمه إلى رُجم [11]، عوض أن يكون قلبه مدينة الله المقدسة، يصير أشبه بمكان مهجور دنس، يُشتم فيه رائحة الموت. عوض أن تكون مرعى للغنم، أي حظيرة الخراف المقدسة التي تضم شعب الله، تصير مآوي لبنات آوي [11]، وهي حيوانات أكبر من الثعلب وأصغر من الذئب، دائمًا تعوي؛ تتسم بالوحشية مع المكر والخداع، وترمز لعدو الخير إبليس وملائكته. وتصير مدن يهوذا خرابًا، تحطم مواهب الإنسان وقدراته. في اختصار يفقد الإنسان عقله ونفسه وجسده وقدراته ومواهبه ويدخل في حالة فراغ: أ. يحترق مرعى قلبه بنار الشهوات، عوض إقامة راعي النفوس في داخله. ب. ليس فيه إنسان، أي يفقد عقله الروحي ووعيه واتزانه. ج. لا يُسمع صوت ماشية فيه، حيث يخسر حتى بركات الجسد. د. تهرب منه طيور السماء، إذ لا تقدر نفسه أن ترتفع بروح الرب كما بجناحي حمامة إلى السماء. ه. تتحول أورشليمه الداخلية، أي قلبه، إلى رُجم مملوءة دنسًا. و. يسكنه عدو الخير بمكره وخداعه (بنات آوي). ز. تتحطم مواهبه وقدراته (مدن يهوذا). يقدم هنا مرثاة عن خراب أورشليم بسبب شرها.وقد كانت هذه العادة قائمة في أيام القديس جيروم. يقول القديس أغسطينوس: [أورشليم الأرضية هذه هي ظل أورشليم السماوية ]. لقد اختار الله أورشليم بكونها الموضع الذي يسكن فيه اسمه (1 مل 11: 13، 2 مل 21: 4)، المدينة المقدسة التي يقطن فيها عرش الله (إر 3: 16إلخ)، وعلامة لحلوله وسط شعبه، لذلك حينما يؤدب شعبه يهدد بتدميرها وخرابها (إر 9: 11 ، 13: 9، 27؛ حز 4، 5، مي 3: 12). تحدث عنها الأنبياء كمركز للعمل المسياني، إليها يعود كل الأمم (إش 2: 2 الخ، 66: 18-20، مي 4: 1-3، حج 2: 7 إلخ). وفي العهد الجديد أعلن السيد المسيح عن اشتياقه لخلاص المدينة، وقد صارت في الكنيسة الأولى بعد حلول الروح القدس مركزًا للمسيحية، فيها يلتقي الرسل والتلاميذ. لكن أنظار المؤمنين كانت بالأكثر تلتقي نحو أورشليم العليا (غلا 4: 26، عب 12: 22، رؤ 14: 1، رؤ 21) كغاية عبادتهم. |
|