رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"يا ليت لي في البرية مبيت مسافرين، فأترك شعبي وأنطلق من عندهم، لأنهم جميعًا زناة جماعة خائنين" [2]. في رقة شديدة حمل إرميا النبي أخطاء شعبه في قلبه وفكره وكل أحاسيسه، فتفجرت فيه ينابيع دموع لا تتوقف وتنهدات داخلية مُرّة. كان في هذا رمزًا للسيد المسيح، العبد المتألم، الذي حمل أحزاننا، لكن شتان ما بين إرميا النبي والسيد المسيح. فالأول بحبٍ صادقٍ احتمل إلى حين لكنه كاد أن ييأس، فطلب الهروب إلى البرية، بعيدًا عن كل أحد، يبكي ويئن! أما مسيحنا فحمل أحزاننا وأوجاعنا، ولم يشتهِ الهروب، بل نزل إلى برية حياتنا ليبقى وسطنا حتى يحمل على كتفيه كل نفس يمكن أن تتوب وترجع إليه، قائلًا: "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت 28: 20). لقد نزل إلى عالمنا، وحلّ بيننا كواحدٍ منّا، وحين ارتفع إلى السماء لم يهرب منا، بل حملنا معه لكي نشاركه أمجاده! لنحمل روح السيد المسيح، ولنشتهِ أن نوجد وسط الشعب - مهما كان شرهم - لكي نحمل آلامهم، ونبكي على ضعفاتهم، طالبين بيقين الإيمان وقوة الرجاء عمل الروح القدس فيهم. ليتنا لا نهرب من طريق الصليب، ولا نخف من الأوجاع. |
|