لم يقف إرميا النبي متفرجًا، لكنه دخل مع شعبه إلى أتون الألم، تمزق قلبه تمامًا، قائلًا: "قلبي في سقيم" [18].
يليق بنا كغرباء على الأرض أن نهتم بالغرباء، وكأناس معرضين للسقوط تحت الضيق أن نسند المتضايقين، إذ يقول الرسول: "اذكروا المقيدين كأنكم مقيدون معهم، والمذلين كأنكم أنتم أيضًا في الجسد" (عب 13: 3). لا نشاركهم بالرثاء المجرد بل بالحب العامل، نشعر بالشركة الحقيقية مع كل عضو. "فإن كان عضو واحد يتألم فجميع الأعضاء تتألم معه" (1 كو 12: 26)؛ "فرحًا مع الفرحين وبكاءً مع الباكين" (رو 12: 15). هذه الشركة عاشها أولاد الله في العهدين القديم والجديد، فيقول إرميا النبي وهو يرى شعبه منسحقًا بسبب السبي رغم مقاومة الشعب له: "من أجل سحق بنت شعبي انسحقت، حزنت، أخذتني دهشة" [21]، ويقول الرسول: "من يضعف وأنا لا أضعف، من يعثر وأنا لا ألتهب؟!" (2 كو 11: 29). وتظهر شركة الحب العملي في كلمات آباء الكنيسة المحبين
فيقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [ليس شيء أحب إليّ أكثر منكم، لا، ولا حتى النور!إني أود أن أقدم بكل سرور عيني ربوات المرات وأكثر - ما أمكن من أجل توبة نفوسكم...! إني أحبكم، حتى أذوب فيكم، وتكونونلي كل شيء، أبي وأمي وإخوتي وأولادي].