لم يجد بينهم بارًا واحدًا:
1 «طُوفُوا فِي شَوَارِعِ أُورُشَلِيمَ وَانْظُرُوا، وَاعْرِفُوا وَفَتِّشُوا فِي سَاحَاتِهَا، هَلْ تَجِدُونَ إِنْسَانًا أَوْ يُوجَدُ عَامِلٌ بِالْعَدْلِ طَالِبُ الْحَقِّ، فَأَصْفَحَ عَنْهَا؟ 2 وَإِنْ قَالُوا: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ. فَإِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ بِالْكَذِبِ!»
إن كان الله هو الذي يتساءل أو نبيّه إرميا عن إمكانية وجود شخصٍ واحدٍ يعمل بالعدل، فإن الأمر حقًا محزن للغاية.
"طوفوا في شوارع أورشليم وانظروا واعرفوا وفتشوا في ساحاتها،
هل تجدون إنسانًا أو يوجد عامل بالعدل طالب الحق فأصفح عنها؟!" [1].
إذ أراد إبراهيم أن يشفع في سدوم وعمورة قال لله: "أفتهلك البار مع الأثيم؟! عسى أن يكون خمسون بارًا في المدينة. أفتهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين بارًا الذين فيه؟!" (تك 18: 23-24). وإذ دخل معه في حوار طلب في النهاية أن يصفح عن المكان من أجل عشرة، لكنه لم يجد فيها عشرة أبرار. أما هنا فالله يطلب أن يجد في أورشليم إنسانًا واحدًا عاملًا طالبًا الحق لكي يصفح عنها. لم يجد إنسانًا بارًا بين القادة المدنيين والدينيين ولا بين العامة من الشعب!
كان يوسف الشاب الصغير الغريب بارًا، من أجله بارك الرب بيت فوطيفار، ومن أجله أنقذ مصر كلها والبلاد المحيطة بها من المجاعة.
يعبر إشعياء النبي عن حال الشعب وقد فقدوا كل قدسية: "لأن الصدق سقط في الشارع، والاستقامة لا تستطيع الدخول، وصار الصدق معدومًا، والحائد عن الشر يُسلب؛ فرأى الرب وساء في عينيه أنه ليس عدل" (إش 59: 14-15).
حقًا إن كان الله يدعونا للشهادة لإنجيله، فإن حياتنا الإنجيلية المقدسة وسلوكنا ببر المسيح يرفع غضب الله عنا وعن عائلاتنا وعن كنائسنا وعن بلادنا وعن العالم!
الله يطلب إنسانًا لكي يصفح عن أورشليم. ُترى من هو هذا إلا ابن الإنسان، الله الكلمة، الذي صار بالحق إنسانًا لكي بدمه يكفر عن خطايا العالم كله؟! "إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار، هو كفارة لخطايانا، ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضًا" (1 يو 2: 1-2).
هذا هو الشفيع الذي يسكن القلب "أورشليم الداخلية" فيصنع صلحًا للنفس والجسد بكل طاقاتهما مع الآب. هذا الذي يفرح به الآب ويطلبه قائلًا: "طوفوا وفتشوا في ساحاتها، هل تجدون إنسانًا، أو يوجد عامل بالعدل طالب الحق فأصفح عنها؟!" [1]. إنه ربنا يسوع المسيح المختبئ في أورشليمنا الداخلية الذي به ننال الصفح عن خطايانا!