رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تَجْعَلُ ظُلْمَةً، فَيَصِيرُ لَيْلٌ. فِيهِ يَدِبُّ كُلُّ حَيَوَانِ الْوَعْرِ [20]. من أهم مبادئ الغنوسيين "الثنائية"، فيحسبون أنه يوجد الله الكائن الأسمى، كما يوجد الخالق للمادة، والتي في نظرهم عنصر ظلمة، لذا فالخالق بالنسبة لهم إله شرير، أو أدنى من الكائن الأسمى. هنا لم يذكر المرتل أن الله خالق الليل أو الظلمة إنما أوجدها بغياب الشمس أو النور. فالظلمة ليس لها كيان في ذاتها، ولا تحتاج إلى خلقة، إنما هي غياب النور. يتحدث المرتل هنا عن الظلمة والليل بكونهما من عطايا الله. فإنهما ضروريان لحياة الإنسان لأجل راحته، وأيضًا للحيوانات والنباتات. فبعض الحيوانات خاصة حيوانات البرية المفترسة لا تُمَارِس حياتها في النهار، بل غالبًا ما تختبئ في الكهوف والعرين، لتخرج في الليل تبحث عن الفريسة. يرى القديس أغسطينوس أن شمس البرّ إذ يغرب في حياة الإنسان تحل الظلمة في أعماقه، ويدب كل حيوان الوعر، أي يخرج الشيطان كأسدٍ ليفترس هذه النفس. وكما قال السيد المسيح لبطرس: "سمعان، سمعان، هوذا الشيطان يطلبكم لكي يُغَرْبلكم كالحنطة. ولكني طلبت من أجلك لكي لا يفنى إيمانك" (لو 22: 31-32). عندما أنكر بطرس سيده ثلاث مرات (مت 26: 70-71)، ألم يكن بين أنياب الأسد؟ كثيرًا ما يتحدث الآباء مثل القديس يوحنا الذهبي الفم عن بركات الليل، والسماح بغياب الشمس لأجل راحة الإنسان واسترداد طاقته بالنوم. فيحسبون الليل عطية إلهية نافعة للحياة. * إذ تُشرق الشمس، ينسحب كل وحشٍ مفترسٍ، ويلجأ إلى عرينه. هكذا أيضًا عندما تشرق الصلاة مثل شعاع الشمس، تشرق من ألسنتنا، وتخرج من أفواهنا، يستنير ذهننا، وتهرب الأهواء المتوحشة التي تحطم عقلنا وتلجأ إلى عرينها. ذلك متى كانت صلاتنا يقظة، وتصدر عن نفس ساهرة وعقلٍ صاحٍ. متى كان الشيطان حاضرًا فإنه ينسحب عندما نصلي. القديس يوحنا الذهبي الفم * بقوله: "تجعل ظلمة فتصير ليل" [20]، يبكم شيعة مرقيون الذي زعم أن النور خلقه الإله الصالح، وأما الظلمة فخلقها الشيطان... الظلمة ليست خلقة جوهرية بل هي غياب النور. كما أن الشر هو غياب الخير. لذلك لم يقل "خلق الظلمة"، بل قال "جعل الظلمة"، كما كتب موسى، قائلًا: "فصل الله بين النور والظلمة، ودعا الله النور نهارًا، والظلمة دعاها ليلًا" (تك 1: 4-5). الأب أنسيمُس الأورشليمي * بالمعنى الرمزي، عندما يغيب شمس البرّ عنا، نصير في ظلمة تامة، عندئذ تهجم علينا الحيوانات ويزأر الأسد في البرية لكي يخطفنا ويفترسنا. القديس جيروم * لا يَقِلُ الليل عن النهار في منفعته وخيره للبشرية... فحين نحظى بالكثير من ضوء النهار نحتاج أيضًا إلى سكون الليل. وحين نشبع بهدوء الليل نشتاق إلى نور الصباح وضيائه... يقود الليل الناس إلى بيوتهم، لينعموا بالنوم الحلو اللذيذ، ويسحب أيضًا الحيوانات المُفترِسة للغذاء ويعطيها الحرية والمَرعى . ثيؤدوريت أسقف كورش * إذا أراد ابن الظلمة أن يجعلنا أبناء الظلمة مثله (1 تس 5: 5) موقعنا في النوم، سوف يضغط علينا بقوه عندما يسود الليل "يجول" (1 بط 5: 8) كما يقول الكتاب كالحيوان المفترس (مز 104: 20) وبكونه ظلمة ومحبًا لها يرانا في نور الصلاة ساهرين مع الرب متمثلين بملائكة النور، "بأغاني روحية مترنمين" (أف 5: 19)، مُعطِين المجد لله خالقنا، الشيطان وهو يحترق بغيرة غاضبة ومملوء حسدًا لمنظر البشريين الذين يتشبهون بسهر الملائكة، سوف يغمرنا بثقل النوم، مشاركًا لنا في ظلمته . مارتيريوس - Sahdona * الزمن الذي فيه تُهاجَم نفوسنا هو ليل وظلمة دائمة. إنه زمن الليل كما يخبرنا النبي حينما تحاول حيوانات البرية أن تقتات طعامًا دنسُا بافتراسها قطعان الرب . القديس غريغوريوس النيسي |
|