19 أَحْشَائِي، أَحْشَائِي! تُوجِعُنِي جُدْرَانُ قَلْبِي. يَئِنُّ فِيَّ قَلْبِي. لاَ أَسْتَطِيعُ السُّكُوتَ. لأَنَّكِ سَمِعْتِ يَا نَفْسِي صَوْتَ الْبُوقِ وَهُتَافَ الْحَرْبِ. 20 بِكَسْرٍ عَلَى كَسْرٍ نُودِيَ، لأَنَّهُ قَدْ خَرِبَتْ كُلُّ الأَرْضِ. بَغْتَةً خَرِبَتْ خِيَامِي، وَشُقَقِي فِي لَحْظَةٍ. 21 حَتَّى مَتَى أَرَى الرَّايَةَ وَأَسْمَعُ صَوْتَ الْبُوقِ؟ 22 «لأَنَّ شَعْبِي أَحْمَقُ. إِيَّايَ لَمْ يَعْرِفُوا. هُمْ بَنُونَ جَاهِلُونَ وَهُمْ غَيْرُ فَاهِمِينَ. هُمْ حُكَمَاءُ فِي عَمَلِ الشَّرِّ، وَلِعَمَلِ الصَّالِحِ مَا يَفْهَمُونَ».
حقًا أنه يقدم كلمة الله بكل صدقٍ، لكنه وهو يقدمها يعلن أيضًا - إن صح التعبير - حزن الله على شعبه، فإنه ما كان يود لهم هذا المُرّ الذي جلبوه على أنفسهم كثمرة طبيعية لعصيانهم.
هذههي إحساسات كل راعٍ صادقٍ في رعايته، إنه يصرخ مع صرخات الشعب بكونهم أحشاءه وجدران قلبه... يئن مع أناتهم ويشاركهم فرحهم ونموهم الروحي. يقدم أحشاءه لتتمزق ثمنًا لحبه لشعب الله!
هذا هو عمل الخطية، يُذيب قلب الشعب فيذوب معهم قلب الراعي. عندما خان الشعب الله قيل: "ذاب قلب الشعب وصار مثل الماء" (يش 5: 7). هذا هو عمل الخطية. لقد حطمت الشعب كله وأفقدته كل شجاعة وقوة وصيرت قلبه كالماء يسيل وليس من يقدر أن يعين أو يسند. لهذا لا تعجب إن كان إرميا النبي إذ يدرك فاعلية الخطية المرّة يقول: "أحشائي أحشائي، توجعني جدران قلبي، يئن في قلبي، لا أستطيع السكوت، لأنكِ سمعتِ يا نفسي صوت البوق وهتاف الحرب" [19]. وإذ حمل السيد خطايانا قال على لسان النبي: "كالماء انسكبت، انفصلت كل عظامي، صار قلبي كالشمع. قد ذاب في وسط أمعائي" (مز 22: 14)، يا لبشاعة الخطية!
"سمعتِ يا نفسي صوت البوق وهتاف الحرب.
بكسرٍ على كسرٍ نُودي،
لأنه قد خربت كل الأرض.
بغتة خربت خيامي وشققي في لحظة.
حتى متى أرى الراية وأسمع صوت البوق؟!" [19-20].
سمع النبي بنفسه لا بأذنيه، بروح النبوة، ووقف على أحداث الحرب القادمة كأنه حاضر، يسمع ويرى أمورًا لا تُحتمل. إنه لم يطق أن يتطلع إلى ذلك اليوم الرهيب.