رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الموت السعيد ان الطبيعة والنِعمة قد أنشأ ضرورة ثابتة الا وهي الموت. انه قانون الطبيعة ان كل الأشياء الفانية تدفع ضريبتها للموت والنعمة الإلهية لم تستثنى البشرية من تلك الضرورة العامة. ان ابن الله قد عقد الغزم على هزيمة الموت بالموت واصدر هذا القانون بالنسبة لنا بحيث يجب علينا ان نمر بين أيدي الموت من أجل الهروب من قبضته، فيجب ان ندخل القبر حتى نولد من جديد ويجب ان نموت مرة واحدة لتجريد الموت من قبضته وقوته. وهكذا الموت بالنسبة للقديسة مريم كان ضروريا كجزء من إنتصارها على ان لا نفترض مع ذلك ان خضوعها للقانون العام قد تم بطريقة عادية. ان القديسة مريم هي تفوق الطبيعة والمعجزة التي أعطيت لها يسوع المسيح وحياتها كلها ممتلئة بالمعجزات وعندما تأتي نهاية مجرى حياتها على الأرض بالموت فلا بد ان تكون بالكامل الهية. ترى ما هو أساس هذا الموت العحيب؟ انه حبها الأموي والإلهي الذي ملأ كيانها كله وهو الذي كسر روابط جسدها، فجسدها هذا هو الذي منعها من اللحاق بابنها والاتحاد معه مرة أخرى في السماء فكان الشوق والحنين هو بمثابة نقطة انطلاق روحها. ان حب مريم قد صيغ بطريقة عجيبة فهو حب فائضا من قلب الله الي قلبها هي، و ان الحب التي كانت تحمله لأبنها قد أتى من نفس النبع الذي وهبها هذا الابن الإلهي. ما الذي يمكنه ان يقول شيئا امام هذا السر؟ هل يمكن ان نستوعب هذا الاتحاد ما بين يسوع ومريم؟ يجب حتى ان لا نحاول ان نشرح طبيعة ذلك الحب الأموي والذي هو من مصدر حب الأب لأبنه الوحيد. اذا لم نستطع ان نفهم قوة ذاك الحب او قدرته ومداه فكيف اذا سوف نتخيل المشاعر التي تنتج منه؟ كل ما يمكننا ان نتفهمه انه لا يوجد أي مشاعر بشرية تقارن بشوق مريم ان تتحد بيسوع خاصة بعد رحيله وصعوده للسماء. يقول القديس الفونس دي ليجوري ان مريم العذراء بعد صعود ابنها للسماء وحتى انتقالها عاشت في شوق شديد للاتحاد به وطبقا لبعض الكتابات القديمة كانت تتعزى بزيارة الأماكن المقدسة في فلسطين حيث عاشت مع يسوع طوال حياته الأرضية. فزارت مغارة الميلاد في بيت لحم حيث وُلد ابنها وحانوت الناصرة حيث عاش ابنها وعمل عدة سنوات ومرّت على بستان جثسيماني حيث بدأ ابنها رحلة الآلام، ثم قصر بيلاطس حيث حُكم على ابنها وضُرب بالسياط والموضع الذي وضع على رأسه اكليل الشوك. وزارت عدة مرات جبل الجلجثة حيث مات ابنها وموضع القبر حيث وُضع فيه وتركته لأخر مرة. بتلك الطريقة هدئت الأم الحزينة بعض من حزنها والفراق القاسي عن وحيدها، ولكن كل هذا لم يكن كاف لإرضاء قلبها حيث لم تجد راحة تامة في هذا العالم بعيدا عن يسوع. كانت دائما تصرخ مع داود النبي: ” فَقُلْتُ: «لَيْتَ لِي جَنَاحًا كَالْحَمَامَةِ، فَأَطِيرَ وَأَسْتَرِيحَ!”(مزمور6:55) و” كَمَا يَشْتَاقُ الإِيَّلُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ، هكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ”(مزمور1:42). امام هذا الشوق للقاء، سمع الله لهذا الحنين ودعاها للعودة لبيت الأب السماوي. اكرام :سلم ارادتك دائما ً لله في السراء والضراء فهو أب رحوم نافذة: لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض يتلى سر من اسرار الوردية -طلبة العذراء المجيدة. |
|