إنما إلى لحظة
لأن خفة ضيقتنا الوقتية تُنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبديًا
( 2كو 4: 17 )
يكتب الرسول عن الضيقات بأنها وقتية، أو بكلمات أخرى: إنما هي إلى لحظة. وهكذا كل شيء أخر في حياتنا القصيرة على الأرض. وكم يكون حسنًا لو أن أولاد الله لا ينسون هذه الحقيقة؛ أن كل شيء هنا "إنما إلى لحظة".
هذه الكلمات يجب أن تكون أمام قلوبنا كل يوم. هل عندنا أحزان وآلام؟ إنها فقط "إلى لحظة". هل فصلنا الموت عن أحبائنا الذين ذهبوا ليكونوا مع الرب؟ الانفصال إنما إلى لحظة. وكذلك لا ينبغي أن ننسى أن كل الإكرام والمجد الذي يقدمه العالم في هذه الحياة إنما إلى لحظة ويذهب سريعًا. نعم، والحياة نفسها عندما نصل إلى آخرها هنا ستظهر كما لو كانت "إلى لحظة".
وإن تذكُّر كل هذا باستمرار، له تأثير مبارك. ومما يساعد المؤمن على أن يحيا حياة منتصرة، أن يحوّل نظره عن الأمور المنظورة، وينظر إلى الأمور التي لا تُرى ـ الأمور الباقية «ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي تُرى، بل إلى التي لا تُرى. لأن التي تُرى وقتية، وأما التي لا تُرى فأبدية» ( 2كو 4: 18 ).
أيها القارئ العزيز: تدرب على هذا يوميًا، مهما طرأ على حياتك، سواء كان تجارب أو أحزان أو أوجاع أو مُفشلات أو مسرات أو إكرامات أو أتعاب، فقُل إنها كلها "إنما إلى لحظة". ومتى جعلنا هذه الحقيقة أمام القلب، سنبحث عن تلك الأمور الباقية التي لن تنتهي، بل تدوم.
وحالاً ستأتي اللحظة التي فيها كل شيء يتغير. تلك اللحظة المباركة التي لا يزال قديسو الله ينتظرونها ولكن ليس عبثًا. «هوذا سر أقوله لكم: لا نرقد كلنا، ولكننا كلنا نتغير، في لحظة في طرفة عين، عند البوق الأخير» ( 1كو 15: 51 ؛ 52). إنها ستكون لحظة فقط، قصيرة كطرفة العين عندما يأتي الهتاف من فوق ليدعونا إلى محضره لنلاقيه وجهًا لوجه، لنرى الأشياء غير المنظورة، لندخل البيت الذي لن نتركه. هذه قوة للطريق أن ننظر إلى الأشياء السُفلى هنا كفانية ـ أي إلى لحظة، وأن ننتظر يوميًا تلك اللحظة عندما في طرفة عين سنراه كما هو. ومتى كانت هذه الحقيقة أمام قلوبنا بخصوص الأمور الفانية والأمور الباقية، سنعيش له ونخدمه ونطيعه.