التهليل وروح الغلبة
ذَابَتِ الْجِبَالُ مِثْلَ الشَّمْعِ قُدَّامَ الرَّبِّ،
قُدَّامَ سَيِّدِ الأَرْضِ كُلِّهَا [5].
كثيرًا ما يقف الإنسان أمام سطوة الخطايا، فيراها كالجبال الثابتة، من يقدر أن يزعزعها؟! لكننا إذ نحمل مسيحنا القائم من الأموات في داخلنا تذوب هذه الجبال قدامه، ويدرك الكل أنه هو الخالق سيد الأرض كلها، لن يقدر الموت ولا كل قوات الظلمة أن تقف أمامه.
خبرتنا الجديدة في المسيح يسوع، وتمتعنا بنور قيامته الغالبة للموت تهبنا فرحًا داخليًا مجيدًا.
* من هم الجبال (التلال)؟ المتكبرون. فإنه حتى كل شيء عالٍ يقف ضد الله، ضد أعمال المسيح وضد المسيحيين، يرتعب ويخضع. وحينما أقول ما قد قيل فعلًا "ذابت" فلا أجد كلمة تفوقها.
القديس أغسطينوس
* "ذابت الجبال مثل الشمع قدام الرب". يدعو الحكام العظماء والقديرين جبالًا. هؤلاء الذين قاموا قبلًا مثل السماء في كبريائهم ينحطون عند مجيء المسيح. أولئك الذين كانوا قساة بشدة بتشامخ باطل، صاروا في ليونة بحرارة الحكمة الإلهية.
* بالنسبة لي، يبدو أن هذه الجبال هي قوات الشيطان. سواء كانوا جبالًا أم لا، فهم بالتأكيد أناس متكبرون. هذه النار لا تُهلك المتواضعين، وإنما المتكبرين وحدهم.
كحقيقة واقعة، يندر أن تصيب البروق الذين في الوادي، لكنها تضر الذين في أعلي الجبال.
القديس جيروم
* أرجو أن تلاحظوا أيضًا الجلال الذي لا يُقارن في ذاك الذي يفوق الكل، أي المسيح. فبقدرةٍ لا تُقاوم وسلطانٍ ليس له مثيل يسحق الشيطان بمجرد أن يريد أن يكون الأمر كذلك. وهو لا يسمح له أن يحاول أن يعطي نظرة معارضة لأوامره. إن إرادة المسيح كانت نارًا ولهيبًا بالنسبة له، حتى أنه يصدق قول المرنم المبارك: "إن الجبال تذوب مثل الشمع أمام وجه الرب" (مز 97: 5). وأيضًا في مكانٍ آخر، يقول: "يمس الجبال فتدخن" (مز 104: 32). لأنه يقارن قوات الشر العالية والمنتفخة بالجبال. وهذه القوات رغم اتصالها بالنار تذوب مثل الشمع أمام قدرة وسيادة مخلصنا. وإلى جانب ذلك يدخنون، والدخان يشير إلى نارٍ على وشك أن تنفجر إلى لهيب. وهذا هو النصيب الذي تعاني منه الأرواح النجسة .
القديس كيرلس الكبير