|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ساڤونارولا هو أحد الرهبان الذين هربوا في تلك الأيام من أباطيل العالم وشروره ولجأوا إلى حياة الرهبنة فكان دافعه استياؤه من الكنيسة ومن الانحطاط الذي وصلت إليه، وكانت في نظرة أشبه بفاجرة متنكرة في ثوب سيدتها التي كانت قد طردتها لتحل محلها، فلم يسعه إلا أن يفتح فاه ويرفع صوته شاكيًا إليها فساد الكنيسة وظلم الدولة. فكان لمناداته وقع عظيم في فلورنسة (فلورنسا) في إيطاليا، حيث كانت الجماهير الحاشدة تزدحم في الكنيسة لسماع عظاته، وقد تاب الكثيرون على يديه واستدعاه حاكم المدينة المستبد والذي كان يدعي لورنز دي مديتش وكان على فراش الموت واعترف له بخطاياه وتنبأ سافونارولا Savonarola الشاب الجريء عن قضاء إلهي وشيك الوقوع على المدينة ما لم تتب عن أخطائها وقد صدقت نبوءته إذ غزا ملك فرنسا البلاد، وانقلبت الأحوال وأصبح اسم سافونارولا أشهر من نار على علم حتى لقد انتخبه الشعب ليفاوض ملك فرنسا في أمر الصلح وأخطر الملك الغازي تحت تأثيره وقوة ضجته وتهديده بأن أهل فلورنسا سيدفعون الظلم ويجاهدون في سبيل حريتهم إلى آخر رجل، يخلي المدينة ويرحل عنها بجنده، وكان هذا إتمامًا لنبوة ثانية نادي بها الراهب سافونارولا، مما رفع شأنه في عيون الشعب وإذ ينقضي عهد الاستبداد وأسرة المدينتين تتجه إليه الأبصار كالزعيم المرموق، فيشير على الشعب أن يشيدوا المملكة على مبادئ جديدة من الحق والبر، كي يغدو صاحب النفوذ المطلق في وطنه. يستخدم كل مواهبه وسلطانه لخير الأمة والبلاد، غير عابئ براحته وحياته حتى أنه لم يعتزل حياة الرهبنة بل ظل يجاهد نفسه في التقشف والعيشة الخشنة. وقد أطاعه الشعب وصاحوا بأسماعهم إلى نصحه وإرشاده، فأعادوا النظام الدستوري وألفوا المحاكم القانونية، وقضوا على فساد الآداب وانتعشت المدينة بحياة دينية جديدة وسليمة. |
|