هُنــــا وهُنـــــاك
فَالْتَفَتَ إلَى هُنَا وَهُنَاكَ وَرَأى أنْ لَيْسَ احَدٌ
فَقَتَلَ الْمِصْرِيَّ وَطَمَرَهُ فِي الرَّمْلِ
( خر 2: 12 )
كان موسى مرتبكًا في هذا الموقف ويبدو هذا واضحًا من قول الكتاب أنه التفت هنا وهناك قبل أن يقوم بقتل المصري. ونرى في هذه الإلتفاته عدة ملاحظات:
ـ الخوف الشديد: تلفَّت موسى حوله خوفًا من الناس، لأنه تحرك بناءً على نداء القوة داخلة، متكلاً على ذاته وإمكانياته، لهذا فقد امتلأ خوفًا من الناس. فلو كان قد خرج بناءً على دعوة من الله ربما كان قد سمع صوت الرب قائلاً له: «لا تخف لأني معك. لا تتلفت لأني إلهُك. قد أيَّدتك وأعنتك وعضَدتُكَ بيمين بري» ( إشعياء 41: 10 ). فالخادم الذي يحاول جاهدًا أن يثبت للآخرين مدى قوته وإمكانياته، ويجاهد محاولاً أن يؤكد للناس وضوح موهبته وتأثير خدمته، سيظل طوال حياته يتلفت هنا وهناك باحثًا عن مديح الناس وخائفًا من ذمهم.
ـ عدم الثقة فيما يفعله: لم يكن موسى في هذا الموقف واثقًا مما يفعله لهذا تلفت حوله مرتبكًا مترددًا، وهذا هو حال كل من يحاول أن يفعل أمرًا بالجسد وبالاتكال على قدراته الشخصية مستقلاً عن الله، حتى لو كان هذا الأمر هو خدمة لله. فالكتاب يعلِّمنا أن الجسد لا يفيد شيئًا ( يوحنا 6: 63 ). فمَن يخدم متكلاً على ذاته وإمكانياته يظل حبيسًا للتردد والخوف، ويتحرك مرتبكًا غير واثق مما يفعله، وغير متيقن من صحة موقفه.
فبدلاً من أن نفقد العمر في الالتفات هنا وهناك خائفين مترددين، ليتنا نلتفت لإلهنا القدير الذي يعين ضعفاتنا، ونمكث بين يديه حتى يعطينا ثباتًا وقوة من عنده فنختبر قول الكتاب: «حينئذٍ ترفع وجهك بلا عيب وتكون ثابتًا ولا تخاف» ( أيوب 11: 15 ).
انتظري الربَ فلم يخجلْ مَنْ نظر إليهِ ولم يفشلْ
يُنير الوجهَ ويرفعهُ ويعطي بفيضٍ مَنْ يسألْ
يميلُ إليكِ ويسمَعُـكِ كذاكَ يُجيبْ