رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مَـــــن يؤذيكـــــم؟
للأذية أربعة معانٍ على الأقل: الأول هو الإساءة، والتي تعني الاضطهاد والأذية الجسدية؛ الاضطهاد «فَيَسْتَعْبِدُوهُ وَيُسِيئُوا إِلَيْهِ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ ... فَاحْتَالَ هذَا عَلَى جِنْسِنَا وَأَسَاءَ إِلَى آبَائِنَا» ( أع 7: 6 ، 19). وهكذا يكون المعنى الأول: مَن يضطهد فعلة الخير؛ أي من يؤذيهم جسديًا! نعم «إِذَا أَرْضَتِ الرَّبَّ طُرُقُ إِنْسَانٍ، جَعَلَ أَعْدَاءَهُ أَيْضًا يُسَالِمُونَهُ (لا يضطهدونه)» ( أم 16: 7 ). والمعنى الثاني للأذية؛ هو أن تصل الأذية إلى نفوسنا. فربما يسمح الله لنا بالألم (الاضطهاد والأذية الجسدية)، ولكن لا يمكن للأذية أن تصل إلى نفوسنا لتُفسد خطة الله، أو حتى تعطلها، بل ستُتممها. حاول إخوة يوسف أذيته (أذية نفسه)، راغبين قتله في البداية، لكن سياسة الله سمحت بالقدر المُعين من الأذية الجسدية، بل في الحديد دخلت نفسه وخرجت، ولم تؤذ «أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرًا» ( تك 50: 20 ). وهكذا سمحت النعمة بالأذية الجسدية، دون أذية نفسية، تعطل الخطة الإلهية. والمعنى الثالث للأذية؛ هو الشك في صلاح الله. وهذا ما خافه الرسول بولس أن يُصيبه. لم يخش سيف نيرون؛ لكنه خاف الشك في صلاح الله، مُلقبًا إياه بالعمل الرديء «وَسَيُنْقِذُنِي الرَّبُّ مِنْ كُلِّ عَمَل رَدِيءٍ» ( 2تي 4: 18 )، ووثق أن الرب سينقذه من هذا وفعلا أنقذه. وهكذا فحتى لو انكسرت نفوسنا فينا، فصلاح الله سيظل قوتنا. أما المعنى الرابع للأذية: هو أن يمس الاضطهاد الإيمان نفسه «فَمَنْ يُؤْذِيكُمْ (من يستطيع أن ينال من إيمانكم) إِنْ كُنْتُمْ مُتَمَثِّلِينَ بِالْخَيْرِ؟». وأروع الأمثلة لذلك هو أيوب نفسه. لقد تألم جسديًا كما لم يتألم أحد، وتألم نفسيًا، وشك في صلاح الله، ولكن لمع إيمانه بفاديه العظيم، من سيراه بجسد القيامة، وسيراه عيانًا ( أي 19: 25 –27). فيا لها من نعمة تفيض بالإحسان! |