رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
جاء داود يفتقد إخوته من أبيه وأمه بالفريك والخبز والجبن، لكنه إذ رأى إخوته - شعب الله - في مأزق يعيرهم رجل أغلف بدأ يتساءل: "ماذا يُفعل للرجل الذي يقتل ذلك الفلسطيني ويزيل العار عن إسرائيل؟! لأنه من هو هذا الفلسطيني الأغلف حتى يعير صفوف الله الحيّ؟!" [26]. وإذ سمع أخوه الأكبر اليآب حمى غضبه عليه قائلًا له: "لماذا نزلت؟ وعلى من تركت تلك الغنيمات القليلة في البرية؟ أنا علمت كبرياءك وشر قلبك، لأنك إنما نزلت لكي ترى الحرب" [28]. وجاءت إجابة داود بسيطة ومملوءة حكمة: "ماذا عملتُ الآن؟ أما هو الكلام؟!". لم يدخل معه في جدال، لأنه رجل إيمان لا يحب كثرة الجدال بل العمل. إنه وقت للعمل! يقول القديس أغسطينوس: [الآن، إذ جاء داود انتهره أحد إخوته قائلًا: "لماذا نزلت؟ وعلى من تركت تلك الغنيمات القليلة؟" [28]. وبخ هذا الأخ حاسدًا داود رمز ربنا، متمثلًا بالشعب اليهودي الذي افترى على المسيح الرب. مع أنه جاء لخلاص الجنس البشري، إذ أهانوه باتهامات كثيرة: "لماذا تركت الغنم ونزلت إلى المعركة؟". ألا تحسب هذا ما نطق به الشيطان بشفتيه، حاسدًا خلاص البشر؟ أليس كمن يقول للمسيح: "لماذا تركت التسعة وتسعين خروفًا وأتيت تطلب الخروف الواحد المفقود لترده إلى حظيرة الغنم بعدما حررته بعصا الصليب من يد جليات الروحي، أي من قوة الشيطان؟ لماذا تركت هذه الغنيمات القليلة؟ لقد نطق بالصدق لكن بروح شرير متعجرف. لقد أراد يسوع أن يترك التسعة والتسعين خروفًا لكي ينشد الواحد ويرده إلى حظيرته، أي إلى صحبة الملائكة. عندما مُسح داود بواسطة الطوباوي صموئيل قبل مجيئه إلى هنا قتل أسدًا ودبًا بغير أسلحة، كما أخبر الملك شاول بنفسه. الأسد والدب يشير كلاهما إلى الشيطان، إذ تجاسر على الهجوم ضد بعض من غنم داود فخنقتهما بقوته. ما نقرأه إنما هو رمز أيها الأعزاء المحبوبون؛ ما رُمز به بداود تحقق في ربنا يسوع المسيح، الذي خنق الأسد والدب عندما نزل إلى الجحيم ليحرر كل القديسين من مخالبهما. أنصتوا إلى توسّل النبي إلى شخص ربنا: "أَنْقِذ من السيف نفسي، وأنا وحيد في فك الكلب. خَلَّصْني من فم الأسد" (راجع مز 21 (22): 20، 21). إذ يحمل الدب قوته في مخالبه والأسد في فمه، هكذا يُرمز للشيطان بهذين الوحشين. لذا قيل عن شخص المسيح إنه ينزع كنيسته الوحيدة من اليد، أي من قوة الشيطان وفمه. |
|