رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
البابا مرقس الثانى البطريرك الـ 49 مصر وعدم الإستقرار: وكان هرون الرشيد هو خامس الخلفاء فى الأسره العباسيه وأعظمهم فى الشهره ، إزدهرت فيه العلوم ونمت حركه الترجمه من مختلف اللغات ( حيث كانت الكثير من الكتب والمخطوطات كانت فى حوذه الأهالى بعد حرق العرب كلا المكتبتين الفارسيه والمصريه ) الى اللغه العربيه وكانت حركه هذه الترجمه هى أساس الحضاره فى العالم لأن العالم الغربى قام بترجمه هذه الكتب من العربيه الى اللغات الغربيه ، وعندما نتكلم عن مصر فى الحكم العباسى فإن تعين الولاه وعزلهم كان سريعا لتخوف العباسيين من سيطره الولاه على الحكم ، وقد ساعد هذا النظام على طول مده حكم العباسيين ، إلا أنه أضر بمصر ضررا إقتصاديا كبيرا فإتحدت سياسه الولاه فى التنكيل بالأقباط بالقسوه والبطش على الأقباط ، ولم يهتم الولاه بمصر بتطهير الترع وإنشاء المصارف ، فجدبت الأرض ونقصت اليد العامله ، ولم تعد الأرض تعطى محصولا جيدا ، فكان وبالا على المصريين ، حصاد شحيح ، وجزيه باهظه ، وعندما مات هرون الرشيد أوصى بالخلافه لولديه الأمين والمأمون ، وكان المأمون أكبر من الأمين ولكنه كان إبن جاريه ، أما الأمين فكانت أمه حره ، فأصبح الأمين خليفه لهذا السبب ، فقامت الحرب بينهم وظلت الحرب قائمه لمده خمس سنين ، وأخيرا إنتصر المأمون فى الحرب بسبب فساد الأمين وأهوائه وشهواته ( راجع مقال مصر والخلافه العباسيه) ، وقتل الأمين وأصبح المأمون خليفه ، وذكر شمس الدين المؤرخ أنهم عينوا لحكم مصر ثمانيه ولاه فى مده خمس سنوات ، ولكنهم لم يطأوا أرض مصر وبالتالى خلا منصبهم ، فمن إذا كان يدير حكم مصر فى هذه الفتره ؟ وعند الرجوع الى أقوال المؤرخين المسلمين فى هذه الفتره يجدها متضاربه مبهمه متناقضه ، وأصبحت مصر لقمه سائغه للطامعين ، وهدفا للغزاه ، ولم تبلى مصر إقتصاديا فقط بل أنه ظهر بوادر الشغب والإضطراب نتيجه للإنقسام بين السنيين والشيعه ، اى بين الأسره العباسيه(أصحاب الحكم الفعلى العباسيين) ، والأسره العلويه 00 كما نشط الخوارج ( الذين خرجوا على النبى وثاروا على رسالته) وكان لهم مناصرين وفئه قويه فى مصر ، احدثوا كثيرا من الفوضى والإضطراب وأحدثوا شغبا فى مصر ، تحالفت العوامل السابقه جميعها للفتك بالمصريين ، أقباطا ومسلمين (راجع تاريخ مصر فى العصور الوسطى ستانلى لاين بوول ص31) وكما عودنا التاريخ أن تدور المعارك بين الحاكم الفعلى والمتمردين على أرض مصر ، ولكن إختلف الأمر إختلافا بسيطا وهو أن كلا من الاخوين الأمين والمأمون أرسل كل منهما واليا يحكم مصر بإسمه فأرسل المأمون واليا ، وأرسل الأمين واليا آخر هو شيخ قبيله قيس التى أسكنها الولاه فى الحوف الشرقى منذ زمن وكانت مناوئه للحكومه ومصدر دائم للتمرد ، فدارت المعارك الطاحنه على أرض مصر ، وكان لذكاء الأمين فى تعيين واليه من قبيله قيس الغلبه والنصر على أتباع المأمون ، وفى هذه الحقبه من عدم الإستقرار أرسل إمبرلطور القسطنطينيه أسطول لغزو دمياط أملا فى إسترجاع مصر الى إمبراطوريته 00 ولم يقتصر تفكك مصر فى هذه الحقبه عند هذا الحد بل أنه إنتهز أحد الخوارج فرصه عدم وجود رئاسه فعليه فى البلاد فأعلن نفسه واليا على مصر وكان يسمى عبد العزيز الجروى وحكم من شنطوف حتى الفرما والشرقيه ومصر وبلبيس وقام رجل آخر إسمه السرى بن الحكم حكم من مصر الى أسوان وإستوليا على الخراج أما الشمال فقد إستولى عليه قبيلتين هما لخما وجذاما وهما قبيلتين كانتا متحابتين فنهب بعضهن بعضا ومنطقه حكمهم كانت غربى مصر وحول الإسكندريه ومريوط والبحيره فضايقوا الأقباط فى مدينه الإسكندريه فإستغاثوا بالله وسألوه لكى يخلصهم إلا أنه كان فى تلك الأيام فى دير الزجاج غربى الإسكندريه كان فيه راهبا كبيرا فى السن إسمه يؤنس فقال لأهل إسكندريه: " أراكم قلقين من أجل هذه الأمه ، بل أنه ستجئ أمه من الغرب تهلك هذه الأمه مدينه الأسكندريه بغير رحمه وينهبون كل ما فيها0" تاريخ البطاركه 0ساويرس بن المقفع ص225**ويذكر أيضا إلياس الأيوبى فى تاريخ مصر الإسلاميه ص104:- وحدث ان 15000 من الأندلسيين قاموا بالتمرد على الخليفه الأموى بالأندلس ، ولكنهم فشلوا فى ثورتهم وتمردهم وأنهزموا وطردهم الخليفه الأموى من بلاده وأمر بنفيهم ، ووجدوا فى مصر ملجأ آمنا ومن المعتقد أنهم أحضروا أسلحتهم معهم ، وأنهم جائوا بالمراكب عن طريق البحر إلى الأسكندريه ، وعندما شعروا بأنه ليس هناك قوه تردعهم ، عاثوا فى الأرض فسادا ، فأضرموا النار فى البيوت وتحرشوا بالمصريين ، وإستعملوا مراكبهم فى الإنقضاض على الجزر الآمنه والأهالى الآمنين اليونانيون يسلبون وينهبون ويخطفون الرجال والنساء والأطفال وكان من بينهم رهبان يونانيين وعذارى ويبيعونهم فى أسولق الإسكندريه ، وذلك قبل ظهور القراصنه بعهد بعيد ، فقام البابا القبطى بشراء اليونانيين ويكتب لهم صكا بالعتق والحريه بمجرد دفع ثمنهم وكان يخيرهم بين أمرين إما أن يدفع لهم أجر سفرهم الى بلادهم ثانيه ، ومن إختار أن يمكث فى وادى النيل سلمه الى معلمين او الى أسره قبطيه تعوله إذا كان طفلا ، وهكذا قام البابا بإنقاذ اليونانيين من العبوديه ويقال أنه فك سته آلاف يونانى من العبوديه ولم يذكر المؤرخيين أى شيئ فعله البطريرك الملكى اليونانى خريستوفر الذى جاء بعد يوسطاثيوس ربما لأنه كان كبيرا فى السن ولا يستطيع الحركه، وزاد الأندلسيون صلفا بإزدياد قوتهم وغناهم السريع بالخطف والقتل وبيع العبيد ، ورأوا أنهم قوه فهاجموا الإسكندريين وسقط العديد من القتلى فى شوارع الإسكندريه ، وكان هناك شيخا من الأندلسيين جاء مع والديه منذ صباه وتربى ونما فى الإسكندريه ، كان ماكرا خداعا وكان يتوسط فى اى نزاع بين الأندلسيين وقبيله لخم وإتفق كلا من الأندلسيين وأفراد قبيله لخم فى التخلص من الوالى وكان قائد الأندلسيين فى الإتفاق هو الشيخ المذكور ، فقتلوا الوالى فى 19 بؤونه سنه530ش وحكموا الإسكندريه وفى اليوم التالى إنقسم إخوه الشيطان فى السيطره على المدينه وأصبح الإخوه أعداء ، ودارت الحرب بين الفريقين فى شوارع الإسكندريه ، وكان النصر حليف للأندلسيين ، أما أهل الإسكندريه لكرههم للأندلسين خرجوا بسيوفهم وقتلوا كل من وجدوه أمامهم منهم ، فلما عرف الأندلسيين ما فعله أهل الإسكندريه دخلوا المدينه بقوه كبيره وصاروا يقتلون المسلميين والمسيحيين واليهود أى فى كل المواضع التى وجدوا فيه أصحابهم المقتوليين ، أما المسلميين فعندما إقترب الأندلسسين من مواقعهم وكانوا علموا بما يفعله الأندلسيين حملوا جثثهم وطرحوها أمام كنيسه المخلص التى بناها البابا مرقس ، وظهر شيخ من فوق أسطح أحد المنازل وقال للأندلسيين: " أنا رأيت صاحب ÷ذه الكنيسه وقد قتل أصحابكم0 " فأضرمو النار فى الكنيسه وعلت النارجدا وإمتدت للمساكن المجاوره ، ويقول إبن المقفع أن الشيطان ظهر فى شكل الشيخ لحسده من بناء كنيسه للمسيح وكذلك لقتل المؤمنيين الأقباط الأبرياء ، فقتلوا الأندلسين كثيرا من الأقباط وصار البابا مرقس يبكى وينوح ويصلى بدموع ليلا ونهارا ولم يقدر أحد أن يجلسه على كرسيه أو أن يجلسه على حصير بل طرح نفسه على الأرض (ساويرس بن المقفع ص227) فى مزله ليعينه الله فى هذه التجربه وقام ليلا بعد صلاه نصف الليل ومعه تلميذين وتفقد المدينه التى ملكها الإعداء ، وظل هاربا لمده خمس سنيين من مكان الى آخر حتى لا يعرف الأمم التى إحتلت الإسكندريه مكانه ، وسمع الإرخن مقاره بن النبراوى من كرسى سمنود بضيق البابا فقام ومضى الى عبد العزيز حاكم منطقه المشرق وقال له أن الأب بطريرك الأقباط هرب من الإسكندريه وأن الأمم التى إستولت على الإسكندريه إستولوا على ما له وجاء وسكن تحت ظل الله وظلك فرجائى أن تكتب له كتابا ليكون فى موضعا آمنا 0وأرسل الى البابا لكى يحضر ويقيم عنده ، ثم بلغ البابا وهو فى ضيافه مقاره فى مدينه نبروه أن بطريرك أنطاكيه قد إنتقل الى مساكن النور وجلوس ديونيسيوس على الكرسى الأنطاكى ، فبعث إليه برساله الشركه وأصبحت مصر متفككه فأغارت على وادى النطرون قبائل البربر فهدموا الدير وقتلوا كل من كان فيه من الرهبان فعاد البابا مرقس الى حزنه ، وبكى بكاء مر على الأديره وساكنيها من الرهبان ، وأصبحت حياه هذا الخادم الأمين سلسله من الأحزان والبكاء المستمر على رعيته ، فقد إنقضى زمان أفراح مصر وإنهدمت أديره وادى هبيب (وادى النطرون) وقدس القديسين صار خرابا ومساكن للسباع الضاريه ، ومساكن الأباء المباركيين الذين رقدوا فى الرب فى صلاه مستمره ، صارت مأوى للبوم والغربان ومغائر للثعالب فلم يفتر البابا المحب عن البكاء ليلا أو نهارا فى صلاه غير منقطعه ونظر الله الى صبر البابا القبطى على البلايا والأحزان وفى 17 من شهر برموده وكان يوم احد الفصح ظهر إعلانا من الله فى المنام قائلا: " افرح أيها المجاهد فقد وهبك السيد المسيح أن يعرفك أن فى يوم قيامته المقدسه سوف ينقلك الى مساكنه الأبديه كن مستعدا للقائه وهذه هى العلامه أن عنما تتناول من الأسرار المقدسه ، يقبل الله روحك إليه0" فلما إستيقذ رجل الله المبارك وإننى أعتقد أنه قص عليهم ما رآه فى المنام ثم قال: " للأساقفه أسرعوا لتتموا القداس ولكنهم لم يريدوا فراقه0" ولما رشم علامه الصليب بدأوا الصلاه ولما إنتهى القداس أحضروا السرائر فتناول من الأسرار ثم قال لهم: " أنا أودعكم جميعا فى الرب وفتح فاه وأسلم الروح ، فكفنوه وهم فى حزن شديد على رحيل هذا الملاك ووضعوه فى تابون من الخشب ووضعوه فى كنيسه نبروه حتى نقل الى مدينه الإسكنريه بعد ذلك بزمان وقد جلس على الكرسى المرقسى 20 سنه 17 يوما وتنيح فى 22 من برموده 535ش وقال السنكسار : " في مثل هذا اليوم (22 من برمودة ) من سنة 535 ش (17 أبريل سنة 819 م ) تنيح الأب المغبوط مرقس التاسع والأربعين من باباوات الكرازة المرقسية " |
|