باقة الزوفا
«خُذُوا بَاقَةَ زُوفَا ... وَمُسُّوا الْعَتَبَةَ الْعُلْيَا وَالْقَائِمَتَيْنِ بِالدَّمِ»
( خروج 12: 22 )
لقد استُخدِمَت “بَاقَةَ الزُوفَا” في الكتاب المقدس من وجهتين: من الوجهة الأولى، كان يستخدمها كل فرد من بني إسرائيل في رش دم خروف الفصح (خر12). ومن الوجهة الأخرى، كان يأخذها رجل طاهر (أي الكاهن)، ويغمسها في الماء، وينضحه على الشخص النجس، وذلك في شريعة البقرة الحمراء (عد19). وفي كلتا الحالتين تعني التواضع. وفي مزمور 51: 7 يُشير المُرنم إلى هذا المعنى حيث يصرخ قائلاً: «طَهِّرْنِي بِالزُوّفَا فَأَطْهُرَ». كان هذا يعني التطهر الأدبي لنفسه بالاتضاع الكامل.
إن كل شخص صدَّق الله، من جهة طريق الخلاص الذي أعده، لم يطوِ ذراعيه ويقف صامتًا لا يفعل شيئًا، ولكنه كان صاحيًا وعاملاً «لإِطَاعَةِ الإِيمَانِ» ( رو 1: 5 خر 20: 6 ). فهو إذ ”آمن في قلبه“ بالأخبار المُفرحة التي أعلنها موسى، وقف خارج باب بيته، أمام العالم مُعترفًا بفمه، بقبوله لتلك الرسالة المُفرحة، وبذلك كان يمتلك نصيبه الشخصي في فاعلية دم الحَمَل الذي بلا عيب. كان بالحقيقية أمرًا مُذلاً لنفسه أن يذهب خارجًا أمام عالم شرير انغمس هو في نفس خطاياه ( رو 3: 4 -8)، ويعترف أنه رغم كونه من شعب الله، فهو ليست لديه أية حُجة للاستثناء من الدينونة، إلا في حِمَى دم ذلك الحَمَل. إنه بذلك يُبرر الله ويحكم على نفسه. كان هذا الطريق مُذلاً له، ولكنه الطريق الصحيح الذي لا بد من السير فيه «لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًا وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا» ( رو 10: 9 ).
هذه هي الصِلَة التي تربط النفس بالمسيح، والتي يحتاج الكثيرون إليها؛ أولئك الذين لم يمسكوا “بَاقَةَ الزُوفَا” في يدهم، أي أن نفوسهم لم تنحنِ لإطاعة الإيمان، ولم يشعروا بحالتهم الحقيقية، فليس الأمر فقط الإيمان بالإنجيل في القلب، ولكن الاعتراف به بالفم للخلاص «لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ» (رو10: 9).