رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ان أول كلمات نطق بها السيِّد المسيح كما جاء في الأناجيل المقدَّسة هي: “لماذا كنتما تطلباني، ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون فيما لأبي؟!”. هذه الكلمات تكشف عن طبيعة السيِّد المسيح وعن رسالته كما تحدَّد لنا ملامح السلوك اللائق: أ. فمن جهة طبيعة السيِّد المسيح، فهو وإن كان لا يتعرَّض على نسبِهِ لمريم ويوسف، إذ قالت له أُمّه: “هوذا أبوك وأنا كنَّا نطلبك معذَّبين”، إذ كان يوسف أبًا له حسب الشريعة من أجل التبنِّي وان كان ليس من زرعه، وكانت مريم أُمَّه حسب الجسد، لكنه هو الذي العلي، يؤكِّد علاقته بالآب “ينبغي أن أكون فيما لأبي” معلمنا أنه ابن الله الآب! من جهة ناسوته ينسب للقدِّيسة مريم لأنها حملته، أخذ منها جسدًا، لكنه لا ينسب جسديًا ليوسف إنما من أجل خدمته له وارتباطه المملوء محبَّة. فلنتخيل كيف كان شعور مريم في ذلك المنظر فهي تبحث عن ابنها المفقود لمدة ثلاثة أيام في قلق خلال مدينة أورشليم وفقط لتجده منهمك مع العلماء في الهيكل ويبدو انه غير مدرك للحزن الذي سببه لوالديه نتيجة اختفاؤه. عندما سألت مريم يسوع سؤال مفهوم “لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هكَذَا؟”، وبدلا من يجاوبها على سؤالها، أجاب الصبي ذو ال 12 عام بأسئلة شائكة منه:” «لِمَاذَا كُنْتُمَا تَطْلُبَانِنِي؟ أَلَمْ تَعْلَمَا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَكُونَ فِي مَا لأَبِي؟»(لوقا49:2). يخبرنا لوقا ان مريم ويوسف: فَلَمْ يَفْهَمَا الْكَلاَمَ الَّذِي قَالَهُ لَهُمَا”(لوقا50:2)، ربما مريم قد تكون شاكرة لإتحادها مرة أخرى بإبنها ولكنها تركت متحيرة بسر ذلك الحدث الدرامي، ترى ما الذي حدث؟ ولماذا فقدت يسوع لمدة ثلاثة أيام؟ وما الذي يعنيه الصبي ذو ال 12 عام عن حاجته الماسة ان يكون “في بيت أبي”؟ دعونا نكتشف معنى إجابة يسوع العجيبة لمريم. أولا لاحظ المقارنة التي صنعها يسوع ما بين ابوه الأرضي وابوه في السماء، فمريم تكلمه عن “أبوه” بالإشارة الي يوسف بينما يسوع يجيب بالتكلم عن “ابي” والذي يعني ابوه السماوي. بالتأكيد ان يسوع سيكرّم والديه الأرضيين ويطيعهما – النقطة التي أشار اليها لوقا قائلا:” ثُمَّ نَزَلَ مَعَهُمَا وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ وَكَانَ خَاضِعًا لَهُمَا”(لوقا51:2)، ولكنه أولا هو ابن الله وأول تعليق يشير له يسوع هو عن ابوه السماوي. كذلك كلمات يسوع المهمة عن احتياجه ان يكون في بيت ابيه حيث ان الهيكل كان معروف بأنه بيت الله. ان كلمات يسوع أحيانا تفسر انه يشير الي الهيكل في أورشليم حيث وُجد ولكن يوجد هنا اكثر من معنى عن التركيز على المبني المقدس، فالتعبير يمكن أيضا ان يترجم ” شؤون أبي” او “عمل ابي”. حيث ان الفكرة عن “المنزل” في عالم اليوناني-الروماني القديم تشير ليس فقط للمكان ولكن الي سلطة العائلة. ان كلمات يسوع تشير ليس فقط لزيارته الجسدية الي منزل الرب -هيكل أورشليم- ولكن أيضا سوق العمل والإلتزام الذي سيتممه للأب السماوي فهو يعني شؤؤون ابيه السماوي من هيكل ورسالة وتمجيد. |
|