رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديم الأيام: "كُنت أرى أنه وُضعت عروش وجلس القديم الأيام. لباسه أبيض كالثلج، وشعر رأسه كالصوف النقي، وعرشه لهيب نار، وبكراته نار متقدة. نهر نار جرى وخرج من قدامه. ألوف ألوف تخدمه، وربوات ربوات وقوف قدامه. فجلس الدّيان وفُتحت الأسفار. كُنت أنظر حينئذ من أجل صوت الكلمات العظيمة التي تكلم بها القرن. كُنت أرى إلى أن قُتل الحيوان، وهلك جسمه، ودفع لوقيد النار. أما باقي الحيوانات فنُزع عنهم سلطانهم، ولكن أُعُطوا طول حياة إلى زمانٍ ووقتٍ" [9-12]. بعد أن تحدث عن الإمبراطوريات الأربعة التي انتهت بمجيء السيِّد المسيح ليقيم مملكته على القلوب، تحدث عن إدانة هذه الإمبراطوريات الشرسة، فقد رأى الله الأزلي الجالس على العرش وقد ألقى بعروش الإمبراطوريات أيضًا ونزع عنها سلطانها، وإن كان أعطاهم "طول حياة إلى زمان ووقت" [12]. يتحدث هنا عن الله كديان، يدعوه "القديم الأيام"، ليؤكد أنه ليس شيء من الأحداث الماضية تفلت من بين عينيه. أنه الديان الأزلي، لكنه في طول أناته ينتظر الوقت المناسب. أنه منذ بدء خلقتنا يقدم لنا الفرص للتمتع بمراحمه، ومنذ سقوطنا يترقب رجوعنا إليه، لكنه يأتي وقت يجلس فيه على عرش الدينونة ليحكم بالعدل والبرّ. يرى البعض تعبير "وُضعت عروش" بالعبرية يعني "نُزعت عروش" الملوك والعظماء ليجلس ملك الملوك الذي وحده له أن يدين. غير أن البعض يرى أن المعنى هنا "أُقيمت عروش"، حيث يجلس الله وحوله السمائيُّون يشاهدون الدينونة، ويتهلَّلون بنصرة المؤمنين وتحطيم إبليس وكل جنوده. ولعل العروش هنا تُشير إلى وعد السيِّد المسيح لتلاميذه إنهم سيدينون بني إسرائيل. فإن الله الكلي العدل يُدين البشرية، يُدين الأبرار الغالبين الأشرار الذين هم بلا عذر، يوبخهم برّ العبيد زملائهم الذين عاشوا معهم في هذا العالم. وصف الله الديان هنا يطابق ما جاء عن السيِّد المسيح في الرؤيا (رؤ 1: 2-4 إلخ.)! وقد تحدث السيِّد المسيح عن نفسه كديان للأمم (مت 30: 25-46). * كلما أسرع إنسان إلى النهاية يكون بالأكثر وقورًا، ويكون الله وحده هو الأكبر منه، إذ هو الأزلي القديم الأيام، هو أقدم من كل شيء . القديس إكليمنضس الإسكندري * إن كان الذي يُحاكم بلا شك سيكون بائسًا، إلاَّ أن ذاك الذي لأجله يجلس الله (ليكافئه) فهو سعيد . * يحل قضاء الله لإذلال الكبرياء. لهذا فإن الدولة الرومانية ستهلك، لأنها هي القرن الذي ينطق بالكلمات المتعجرفة . القديس جيروم * لأنه في دينونة الله التي يصفها دانيال نجده جالسًا، ويُشير إلى الكتب التي فُتحت (دا 7: 10)، بدون شك هذه الأسفار التي تحوي خطايا البشر. نحن بأنفسنا نكتب هذه المستندات التي تُديننا وذلك بالأمور التي نرتكبها . العلامة أوريجينوس إننا نعلم أن الله لا يمكن أن يُرى كما هو، لكنه يُعلن ذاته حسبما نستطيع أن نراه، وبالطريقة التي فيها بنياننا. هنا إذ تُقدم الرؤيا الصراع بين مملكة السيِّد المسيح في قديسيه ومملكة ضد المسيح، يظهر الله بلباسٍ أبيض كالثلج وشعر رأسه كالصوف النقي. البياض والنقاوة يرمزان إلى الحياة السماوية التي بلا دنس. وكأن سلاحنا في المعركة هو تمتعنا بالحياة السماوية الطاهرة. ارتفاع القلب إلى السماء، وانشغالنا بالأبديات، وطهارة نفوسنا هي أسلحتنا التي لحساب مملكة المسيح.أما الحديث عن العرش الملتهب الناري والبكرات النارية المتقدة، فتعني التزامنا أن تتحول أعماقنا إلى عرشٍ روحيٍ متقدٍ بنار الحب الإلهي، فلا يكون للخمول أو للتراخي موضع فينا، بل نكون كالشاروبيم الملتهبين بنار الروح. يخرج من أمامه نهر نار يجري متدفقًا، فيروي نفوسنا لا بالمياه بل بالنار المقدسة، فتتحول أعماقنا إلى جنة تحمل ثمر الروح الناري. إن كان ضد المسيح مرهب ومخيف، فإن أولاد الله الذين يفيض عليهم النهر السماوي بنار فائقة يصيرون مرهِبين، لا يقدر العدو أن يقف أمامهم! أخيرًا يُعلن أنه يقف أمامه أعداد بلا حصر، ألوف ألوف وربوات ربوات، يشتهون أن يخدموه. في اختصار يقف السمائيُّون ومعهم المؤمنون حاملين السمات التالية: * الفكر السماوي والطهارة. * لهيب الحب والغيرة المتقدة. * نار القلب الجريء الذي لا يفشل ولا يخزى. * يقفون في أعدادٍ بلا حصر. يرى العلامة أوريجينوس أن سفر الحياة أو الكتاب الإلهي يُذكر بالمفرد كذاك الذي رآه القديس يوحنا اللاهوتي والذي مفتاحه في يديّ الأسد الخارج من سبط يهوذا (رؤ 5: 1-5؛ 3: 7)، الكتاب الذي قال عنه موسى النبي: "والآن إن غفرت خطيتهم، وإلاَّ فامحني من كتابك الذي كتب" (خر 32: 32). بينما تستخدم صيغة الجمع بالنسبة للأسفار التي فيها تُسجل الذين هم محفوظون للدينونة . * الكتب التي تكون مغلقة إلى ذلك الوقت تقدم حسابًا عن كل ما نصنعه، كل كلمة نطقنا بها وكل فكرٍ، حتى كل كلمة بطالة (مت 12: 36)، كل ما يُسجل في أسفار الله. يظن البعض أنه توجد كتب حقيقية في السماء تنقش فيها خطايانا. أظن أن هذه الكتب هي ضمائرنا التي ستُعلن في ذلك اليوم، وسيرى كل واحد ما قد فعله من أجل نفسه. القديس جيروم * تكشف أمام الكل ضمائر الناس وأعمال الأفراد التي تُساهم في كل شخصية، سواء كانت صالحة أو شريرة. أحد هذه الكتب هو الكتاب الصالح الذي غالبًا ما نقرأه، أعني كتاب الأحياء. الكتاب الآخر هو الكتاب الشرير الذي يمسك به المشتكي بيده، الذي هو منتقم وخبيث للغاية، نقرأ عنه في الرؤيا "المشتكي على الإخوة" (رؤ 12: 10). هذا هو الكتاب الأرضي الذي يقول عنه النبي: "في التراب يكتبون" (إر 17: 13). القديس جيروم |
|