رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الوحش الأول: بابل: "وصعد من البحر أربعة حيوانات عظيمة هذا مخالف ذاك. الأول كالأسد وله جناحا نسرٍ. وكنت أنظر حتى أنتتف جناحاه، وانتصب على الأرض، وأوقف على رجلين كإنسان، وأُعطي قلب إنسان" [3-4]. في [17] تُشير الحيوانات الأربعة إلى أربعة ملوك بينما في [23] يُشير الحيوان الرابع إلى المملكة الرابعة. واضح أن كل مملكة من الممالك عُرفت بملك خاص له دوره الرئيسي في المملكة ككلٍ. فنبوخذنصَّر يمثل مملكة بابل، بينما كورش يمثل مملكة فارس، والإسكندر الأكبر يمثل المملكة اليونانية (المقدونية)، أما المملكة الرومانية فأُشير إليها في سفر الرؤيا بالوحش (رؤ 13). يُشار إلى مملكة بابل بأسدٍ مجنحٍ، أي يمتاز بالقوة والافتراس مع سرعة الحركة، إذ كادت الدولة البابلية أن تستولي على العالم كلُّه في فترة وجيزة. في حزقيال 17 أُشير إلى بابل بالنسر الطائر، حيث تلتقط فريستها بسرعة، ولا يستطيع أحد اللحاق بها. يقول القديس جيروم: [أما عن حقيقة أن لها جناحا نسر، فهذا يُشير إلى كبرياء المملكة الكلية القوة، والحاكم الذي أُشير إليه في إشعياء: "أرفع كرسيّ فوق كواكب السماء، أصير مثل العليّ" (إش 14: 14). لذلك قيل: "إن كنت ترتفع كالنسر... فمن هناك أُحدِرك" (عد 4). علاوة على هذا، كما يحتل الأسد رتبة ملوكية بين الوحوش، هكذا يحتل النسر بين الطيور ]. نظر دانيال النبي المملكة البابلية وقد اُنتُتف جناحاها وانتصب على الأرض، أي بدأت تنهار، حيث صارت عاجزة عن الطيران. حينما يُعرف إنسان بشجاعته يقال عنه "صاحب قلب الأسد Lion-hearted"، مثل الملك ريتشارد، أما هنا فنجد أسدًا صاحب قلب إنسان. من الخارج يبدو أسدًا شجاعًا وسط الوحوش، وفي الداخل مملوء خوفًا كإنسان أعزل وسط وحوش مفترسة. هذا ما حدث مع بابل في أيام بيلشاصَّر. يترجم القديس جيروم الكلمة الأرامية aryeh لبوة بالمؤنث. ويقول: [لم تُدع مملكة البابليِّين أسدًا بل "لبؤة"، وذلك بسبب وحشيتها وقسوتها، أو بالأحرى بسبب ترفها واتسام حياتها بالانغماس في الشهوات]. كما يقول: [يؤكد كتَّاب التاريخ الطبيعي أن اللبؤات أكثر شراسة من الأسود، خاصة متى كن يُرضعن فهودًا، وهن شهوانيات على الدوام في العلاقات الجنسية]. يقول القديس هيبوليتس الروماني: [عند الحديث عن لبؤة صاعدة من البحر يعني صعود مملكة بابل، وهي بعينها رأس التمثال الذهبي. وأما الحديث عن جناحي نسر فيعني الملك نبوخذنصَّر الذي تعالى وتشامخ بمجده ضد الله. عندئذ قيل "اُنتُتف جناحاه"، أي تحطم مجده، إذ طُرد من مملكته. أما الكلمات "وأُعطيَ قلب إنسان وأوقف على رجلين كإنسان" فيعني أنه رجع إلى نفسه وعرف أنه مُجرَّد إنسان، مُعطيًا المجد لله]. يقول القديس جيروم: [إن فهمنا ذلك عن نبوخذنصَّر، واضح جدًا أنه بعد أن فقد مملكته اُنتزعت عنه قوته، ثم أعيد إلى حاله الأصلي وتعلَّم ليس فقط أن يكون إنسانًا بدلًا من لبؤة، بل ويسترد قلبه الذي فقده. من جانب آخر يمكن فهم ذلك وتطبيقه على مملكة الكلدانيِّين بوجه عام، فيعني هذا أنه بعد قتل بيلشاصَّر حيث احتل مادي وفارس السلطة الإمبريالية تحقق رجال بابل أن طبيعتهم واهية ووضيعة أكثر من الكل]. مملكة بابل: أ. أسَّسها نابوبلاسر الأول بعد أن تمرد على مملكة أشور في الشمال واستقل عنها وكوَّن مملكة بابل الجديدة. وفي عام 612 ق.م دمرَّ نينوى وحرقها. ب. نبوخذنصَّر (606-562)، قام بفتوحات كثيرة، وأسَّس مدينة بابل ومعابد مردوخ، وغزا أورشليم على ثلاث مرات (606، 599، 587 ق.م). وفي المرة الأخيرة هدم الهيكل وأحرقه وخرَّب أورشليم، فأُوقفت المحرقة الدائمة طوال مدة الأسر. ج. وآبل مردوخ (562-560 ق.م)، عفي عن يهوياكين ملك يهوذا. د. نرجال شالاسر (560-556 ق.م)، وهو زوج أخت الملك السابق. ه. نابونيدس والد بيلشاصَّر (556-539 ق.م)، حيث انتهت دولة بابل في أيامه. تنازل عن المُلك لابنه، وعندما غزا كورش بابل قتل بيلشاصَّر واستبقى والده الذي كان غالبًا خارج مدينة بابل، وبقي معتزلًا العمل السياسي إلى يوم وفاته. |
|