رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
هاءنَذا أَنشُدُ خِرافي وأَفتَقِدُها ﴿هاءنَذا أَنشُدُ خِرافي وأَفتَقِدُها﴾ (حزقيال 11:34) عظة الأحد الرّابِع مِن زمن الفصح الْمجيد أَيُّها الإخوةُ والأخواتُ الأحبّاء في الْمَسيحِ يَسوع. وَنَحنُ في غَمْرَةِ احتِفَالاتِنا بالأعيادِ الفِصْحيَّةِ الْمُبارَكَة، ومَع هَذا الأحدِ الرّابعِ للفِصحِ الْمَجيد، والّذي يُدْعَى بأَحدِ الرَّاعي الصَّالِح، دَعونا نَتَذَكّر أَنَّ يَسوعَ فِصْحَنا، لَم يَكُنْ فَقَط الرَّاعي الصَّالح، الّذي يَعتَني ويُحافِظُ عَلى رَعيّتِه، بَل بَلَغَ بِه الأمرُ أَنْ جَعلَ مِن ذَاتِهِ حَملًا فِصحيًّا لا عَيبَ فِيه، مُقَدِّمًا ذاتَهُ ذَبيحةَ فِداءٍ وَأُضَحيَةَ خَلاصٍ، عَنْ سَائِر الخِرَاف! فَيَسوعُ هوَ رَاعينَا الأمين، وَهوَ أَيضًا حَملُ فِصْحِنَا، الّذي أَتَى: ﴿لِتَكونَ الحياةُ للنّاسِ، وَتَفيضَ فيهِم﴾ (يوحنّا 10:10). هَذا الأحدُ مُكَرَّسٌ لِلصّلاةِ مِن أَجلِ الدَّعَواتِ الكَهنُوتيّة، كَي يُرسِلَ اللهُ، أَسَاقِفَةً وَكَهنَةً، رُعَاةً صَالِحينَ أُمَنَاء، يَعتَنونَ بالرّعيَّة، وَيحرسونَها مِنَ الأباطيلِ وَالشُّرورِ الْمُفضيَةِ إلى الهلاكِ الأبَديّ، وَيَقودُنَها ويُرشِدونَها صَوبَ: ﴿مِياهِ الرّاحةِ والانتِعاش﴾ (راجِع مزمور 23). وَكَما أَنَّ هناكَ رُعَاةً صَالِحين، فَهُنَاكَ أَيضًا رُعَاةٌ لَيسوا عَلَى القَدرِ الْمَطلوبِ مِنَ الصَّلاح، فَلَم يُحافِظوا كَمَا يَجب، عَلَى الأمَانَةِ الّتي سَلَّمَهَا اللهُ إِليهِم بالكَهنوت. وَلَنَا في سِفرِ حَزقيالَ النّبيِّ آيَاتٌ في هَذا الشَّأنِ، تَقول: ﴿أَلَيسَ عَلَى الرُّعاةِ أَن يَرعَوا الخِراف؟ الضِّعافُ لم تُقَوُّوها، والْمَريضةُ لم تُداوُوها، والْمَكْسورَةُ لم تَجبُروهَا، وَالشَّارِدَةُ لم تَردُّوها، وَالضَّالَةُ لم تَبْحَثوا عنها﴾ (راجع حزقيال 34). فَلأجلِ الّذينَ أَهمَلوا في الرّعايَةِ، نُصَلّي. في الآيةِ الحادية عَشرة مِن هَذا النَّصِّ الإنجيليّ، يَقولُ الرّب: ﴿أنا الرّاعي الصّالِح. والرّاعي الصّالِح يَبذِلُ نفسَهُ في سبيلِ الخراف﴾ (يوحنّا 11:10). وَهَذهِ هيَ الصِّفَةُ الأبرَز الّتي تُحدِّدُ صَلاحَ الرّاعي! فَهوَ شَخصٌ بَاذِلٌ لِذَاتِه، ومُعْطٍ مِن ذَاتِه، وَيَهبُ ذَاتَهُ وَيُقدِّمُها عَلَى مِثالِ مُعَلِّمِه الْمَسيح، ذَبيحةً في سَبيلِ الخيرِ والنَّفعِ العَامِ. وَهَذا مَا قدْ صَنَعَهُ يسوعُ الرّاعي الأعظَم، يَومَ بَذَلَ نَفسَهُ لِكَي تحيا الخرافُ ولا تهلِك. ﴿فَإنَّ اللهَ أَحَبَّ العالمَ حتّى إنَّهُ جادَ بابنِهِ الوَحيد، لِكَي لا يهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِن بِه، بَل تكونَ لهُ الحياةُ الأبديّة﴾ (يوحنّا 16:3). في الْمُقابِل، كَمْ هوَ مُؤسِفٌ عِندَمَا تَرَى العَلاقَةَ قَد تَبَدَّلَت، والْمَفاهيم قدْ اخْتَلَّتْ وَتَشَوَّهَت أَحيانًا، وَطَغَت عَلَيها الصَّبغَةُ الدُّنيويّةُ النَّفعيَّة، فَصَارَ بَعضُ الرّعاةِ يَنْتَظرونَ مِنَ الرَّعيّة، أَنْ تَبذِلَ ذاتَها في سَبيلِهم، وَفي سَبيلِ خَيرِهم الخَاص! وفي هذا الشّأنِ يَقولُ حَزقيالُ النّبيُّ أيضًا: ﴿هَكَذا قالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِلرُّعاة: إِنَّكم تَأكُلونَ الأَلْبانَ، وتَلبَسونَ الصُّوفَ، وتَذبَحونَ السَّمين، لكِنَّكم لا تَرعَونَ الخِراف﴾ (راجع حزقيال 34). وَلَعَلَّ هَذهِ واحِدةٌ منَ الطَّامّاتِ الّتي نَلمَسُها بَعضَ الأحيان، يومَ يَتَحَوَّلُ مَنْ ائتَمَنَهُ اللهُ عَلَى مَهمّةِ الرِّعايَة، إلى أَجيرٍ أَو مُوَظّفٍ فَقط، وَتُصبِحُ الحياةُ الرّعوية مُجرّد تَسيرِ أَعمَالٍ ومُعَامَلات! الرّاعي الصّالِح، كَمَا يَقولُ الرَّب، يَسيرُ أَمَامَ خَرافِه، وَهيَ تَتبَعُهُ لأنّها تَعرِفُ وتُميّزُ صوتَهُ (راجع يوحنا 3:10-5). هيَ تَتبَعُهُ بِكُلِّ ثِقَة، لِأنّها تُدرِكُ أَنَّ رَاعيهَا يَنشُدُ نَفعَها وَيريدُ خَيرَها، ولذلكَ تَراهُ يَسيرُ أَمَامَها، يَبحثُ عَمَّا يُفيدُها، مُجنِّبًا إِيّاهَا كُلَّ مَا يَضرُّها. عَلَى الصَّعيدِ الوَاقِعي، نحنُ بحاجةٍ إلى رُعاةٍ صالحين، يُنَشّئونَ رعاياهم التّنشِئةَ الْمَسيحيَّةَ الحَسَنة، يُحافِظونَ عَلَى سَلامَةِ العَقيدَةِ والإيمان، يحتَفلونَ بالقُدّاسِ والأسرارِ بِكُلِّ وَرَعٍ وَتَقْوَى. نحنُ بحاجةٍ إلى رُعَاةٍ صَالحين، يمتازونَ بِوَضوحِ الرُّؤيَة، يَعرِفونَ كَيفَ يَسيرون، وَإلى أَينَ يَقودونَ رَعَاياهم. نحن لا نُريدُ رُعاةً "صَانِعي كوكتيلات وَخَلْطَات"، تخالِفُ الإيمانَ والتَّعليمَ حِينًا، وَتَتَنازلُ عَنْ بعضِ الْمَبَادِئِ أَحيانًا أُخرَى، تحتَ مُسَمّياتٍ دَخيلَة، ولِأجلِ أَغراضٍ وَغَاياتٍ شَخصيّة، زارِعينَ البَلْبَلةَ والاضطِرَاب، مُثيرينَ الشُّكوكَ والتَّخبُّطَ في نُفوسِ رعاياهم! نحنُ بحاجةٍ إلى رُعاةٍ مُحافِظين، وَسطَ عَالمٍ لِيبراليّ مُتَحَرِّر، صَارَ فيهِ كُلُّ شَيءٍ مُبَاحًا، وَحَيثُ فَقَدَت القُدسيَّاتُ قُدْسيَّتَها، وَصَارَ "الذَّوَبَانُ والْمُجامَلَةُ الاجتِمَاعيّة، عَلَى حِسابِ الهوية الإيمانيّة"، مَبدَأً سائِراً عندَ كَثيرين. في أَحَدِ الرّاعي الصّالِح، دَعونَا نَرفعُ الصّلاةَ وَالابتِهال، إلى الْمسيحِ راعي الرُّعَاة، ونُصَلّي لأجلِ الرُّعَاةِ، ولأجلِ الْمَدعوّين إلى الكَهنوت: "يا يسوعُ الكَاهِنُ الأزليّ: اِحفَظْ رُعَاتَكَ الَّذينَ اخترتَهم، وَوَكلتَ إليهم مهمَّةَ رِعايةِ شَعبِكَ الْمَؤمِن. اِحفَظْ أَيدِيهم الْمَمسوحَةَ نَقيَّة، لأنّها تُلامِسُ جَسَدَكَ الْمُقَدَّس. اِحفَظْ شِفَاهَهم مُنَزَّهَةً، لأنّها تَتَخَضَّبُ بِدَمِكَ الثَّمين. اِحفَظْ قُلوبَهم بَعيدَةً عَن الدَّنَس، وَمُجرَّدَةً مِن كُلِّ تَعَلُّقٍ دُنيويٍّ فَانٍ، لأنَّكَ خَتمتَهَا بختمِ الكَهنوتِ الأسمَى. بَارِكْ أَعمَالَهم الرّسوليّةَ، واجْعَل كَهنُوتَهم مُثْمِرًا بِثَمَارٍ طيّبة. قَدِّسهم وَباركهُم، يا أَيُّهَا الْمَسيحُ الرَّاعي الصّالح، وَاجْعَلْهُم رُعاةً صَالِحين عَلى مِثالِكَ، أُمناءَ في حملِ الرِّسالَة، حتّى الْمُنتَهى..." |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أنا الرّاعي الصالِـح أعرِف خِرافي وخِرافي تَعرِفُني |
هاءنَذا أُرسِلُكم كَالحُملانِ بَينَ الذِّئاب |
التأمل: أنا الرّاعي الصالِـحُ، أعرِفُ خِرافي وخِرافي تَعرِفُني. |