رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"وسلَّم الرب بيده يهوياقيم ملك يهوذا مع بعض آنية بيت الله، فجاء بها إلى أرض شنعار إلى بيت إلهه، وأدخل الآنية إلى خزانة بيت إلهه" [2]. تمت عملية السبي البابلي ليهوذا على ثلاث مراح. 1.الترحيل الأول: عام 606 ق.م. أو 605 ق.م. بعد معركة كركميش التي فيها غلب نبوخذنصر فرعون مصر نخو، فاتجه إلى أورشليم. فيه سبي دانيال وأصدقاؤه، وفيه أخذ نبوخذنضر بعض آنية بيت الرب ووضعها في هيكل البعل ببابل، وترك الملك يهوياقيم على العرش كتابعٍ له، يخضع لسلطانه. 2. الترحيل الثاني: حوالي عام 598 ق.م. أو 597 ق.م بعد ثمان سنوات من سبيّ دانيال، فيه سُبي حزقيال. تم هذا السبيّ عندما ثار ملكا يهوذا يهوياقيم ويهوياكين على نبوخذنصر، فجاء الملك وأخذ بقية أواني الهيكل وكنوزه وسبيّ الملك يهوياقيم ومعه 000,10 أسيرًا من الإشراف ورجال الجيش والصناع والمهرة، ولم يترك في يهوذا سوى مساكين الشعب (حز 1: 1-3؛ 2 أي 36: 10؛ 2 مل 24: 8-20). 3.الترحيل الأخير عام 588 ق.م. أو 587 ق.م، فيه جاء الملك للمرة الثالثة ليُعاقب صدقيا الملك على تمرده "وأحرق بيت الرب وبيت الملك وكل بيوت أورشليم وكل بيوت العظماء وأحرقها بالنار" (2 مل 25: 9)، كما قتل أبناء صدقيا آخر ملوك يهوذا وقلع عيني الملك نفسه وقاده إلى بابل مقيدًا بالسلاسل، وهكذا تم خراب أورشليم والهيكل وتحطم المجتمع اليهودي (2 مل 25: 1-7؛ إر 34: 1-7). كل هذا تم تحقيقًا للنبوة (إر 1: 25-4؛ 2 أي 36: 14-21)، كتأديب جماعي بسبب انحراف الشعب وإصراره على العبادة الوثنية برجاساتها، وعدم حفظ السنوات السبتية، ومقاومتهم لصوت الله خلال الأنبياء. تم السبيّ الأول في السنة الثالثة من ملك يهوياقيم بحسب التقويم البابلي الذي يتجاهل الجزء الأول من السنة، ولم يتحقّق هذا بسبب بسالة نبوخذنصر ولا خطته العسكرية المحكمة ولا لحسن حظه أو مصادفة، وإنما بسماحٍ إلهيٍ لتأديب شعبه. هذا ما أكَّده دانيال النبي. * حقيقة تسجيل هزيمة يهوياقيم تظهر أن النصرة كانت بإرادة الله وليس بسبب قدرة أعدائه. القديس جيروم لم يسلِّم الله ملك يهوذا فحسب بل وسلَّم بيته وأوانيه المقدسة لتُحمل بيدٍ وثنية إلى هيكل وثني في شنعار. هذا ليس كسرًا لوعد الله لإبراهيم ونسله، ولما جاء في المزمور: "لأن الرب قد اختار صهيون اشتهاها مسكنًا له؛ هذه هي راحتي إلى الأبد ههنا أسكن لأنيّ اشتهيتها" (مز 123: 14)، إذ وضع شرطًا: "إن حفظ بنوك عهدي وشهاداتي التي أعلمهم إياها" (مز 123: 12). لأجل إثارتنا للتوبة والرجوع إليه بالطاعة لله مستعد أن يسلِّم هيكله وأوانيه المقدَّسة في أيدٍ وثنية، لكي يجتذبنا إليه بكوننا هيكله، الحجارة الحيَّة، والأواني المقدسة التي نصيبها السماء. أرض شنعار: اسم قديم لمنطقة بابل حيث سهل دورًا وأيضًا البرج الذي حاول المهاجرون القادمون من الشرق أن يبنوه إلى السماء، وإذ حدثت بلبلة دُعيت هذه المنطقة "بابل" التي تُعني "بلبلة" أو "ارتباكًا". يُقدم لنا القديس جيرومتفسيرًا رمزيًا لنقل نبوخذنصر بعض أواني الله قائلًا: [يلزم أن نلاحظ بالتفسير الروحي anagogen أنه لم يكن ممكنًا لملك بابل أن ينقل كل أواني الله، ويضعها في بيت الوثن الذي بناه بنفسه، إنما ينقل فقط جزءًا من الأواني من بيت الله. نفهم هذه الأواني أنها تعاليم الحق. فإنك إن درست كل أعمال الفلاسفة تجد بالضرورة فيها نصيبًا من أواني الله. فتجد على سبيل المثال في أفلاطون أن الله هو صانع المسكونة، وفي زينون رئيس الرواقيِّين أنه يوجد سكان في الأماكن الجهنمية وأن النفوس خالدة، وأن الكرامة هي الأمر الصالح الوحيد. لكن لأن الفلاسفة يخلطون الحق بالخطأ، ويفسدون الطبيعة الصالحة بشرور كثيرة، لذلك قيل أنهم سبوا نصيبًا من أواني بيت الله وليس جميعها في تمامها وكمالها]. هذا الفكر قدمه القدِّيس أكليمنضس السكندري بقوة، واقتبسه تلميذه العلامة أوريجينوس. |
|