رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سفر دانيال والنقاد سفر دانيال وبورفيري Porphyry (فروفيريوس Porphyrius): لم يوجد عبر كل القرون صوت واحد حتى القرن السابع عشر ينكر نسبة هذا السفر لدانيال النبي سوى صوت بورفيري Porphyry وهو فيلسوف يوناني أفلاطوني حديث غير مسيحي عاش في القرن الثالث (233-304 م.). وقد ردّ عليه القديس جيروم وميثوديوس وغيرهما. ولد بورفيرى في صور بسوريا، وتتلمذ على يدي لونجينوس Longinus في أثينا، ثم ذهب إلى روما وهناك تتلمذ على أفلوطين فليسوف الأفلاطونية الجديدة الشهير وتعلم أفكاره، واهتم بالبحث التاريخي والفلسفي. وفي دفاعه عن تعدد الآلهة polytheism والأديان المحلية وعبادة الآلهة الشهيرة وجد هو وأتباعه من الأفلاطونيين الجدد أن عدوهم الأعظم هو المسيحية والمسيحيين. ذهب إلى سيسليا Sicily وأقام هناك إلى فترة قصيرة (268-271) لأغراض صحية، ثم عاد إلى روما بعد موت أفلوطين (حوالي 270 م.) وتعهد مدرسته إلى يوم موته. تصور أنه قادر على استئصال المسيحية من جذورها. وفي محاولته هذه كتب 15 مجلدًا بعنوان "ضد المسيحيين Against the Christians"، ركز فيها هجومه على أسفار الكتاب المقدس ككل ومن ضمنها سفر دانيال النبي. وقام يوسابيوس القيصري بتفنيد ما ورد في كتاباته في 25 كتابًا، وللأسف فُقدت هذه الكتب. أشار إليها القديس جيروم وسقراط ، وفيلوستورجيوس Philostorgius. هاجم بورفيري هذا السفر بعنفٍ، لأنه لا يؤمن بالوحي الإلهي ولا بالنبوات أو المعجزات. جاء السفر يتنبأ في شيء من التفصيل عن ممالك وملوك حدد بعضهم بالاسم. تنبأ عن الفرس الذين لم يكن أحد في عصره يمكن أن يتخيل نصرتهم على دولة بابل العظيمة، كما تنبأ عن اليونانيين الذين لم يكن لهم وزن سياسي في ذلك الحين، وأيضًا عن شخصية الإسكندر الأكبر قبل مجيئه بحوالي 225 عامًا الذي لما جاء إلى أورشليم ثائرًا على اليهود قدم له رئيس الكهنة نبوات دانيال عن نصراته فذُهل وسجد إلى الأرض أمام الله. ومما أثار الفيلسوف الملحد تحديد دانيال الدقيق لموعد التجسد الإلهي وأيضًا التنبوء عن زمن الخراب والضيقة العظيمة وظهور المسيح وقيامة الأبرار والدينونة. في القرن السابع عشر تغيرت الفكرة بظهور حركة الربوبية Deism الإنجليزية، التي دعت إلى الإيمان بدينٍ طبيعي مبني على العقل وحده، فقبلت وجود الله لكنها رفضت الإيمان المسيحي كما رفضت الكتاب المقدس كإعلان عن الله. منذ ذلك الحين إلى الوقت الحاضر يرفض بعض الدارسين المتحررين نسبة السفر إلى دانيال النبي في القرن السادس قبل الميلاد، ويحسبونه من وضع القرن الثاني قبل الميلاد في فترة المكابيين (168-164 ق.م.)، غالبًا ما حددوا عصر أنطيخوس الرابع أو "أبيفانوس" Antiochus Epiphanes (175-163 ق.م.). وكما يقول Glean L. Archer: [ربما باستثناء إشعياء لا يوجد في العهد القديم من يحمل تحديًا صارخًا للعقلانيين rationalists (الذين يعتمدون على العقل وحده مع رفض فكرة الوحي الإلهي) مثل دانيال. فيحوي سفره ليس فقط نبوات على مدى قريب مثل السبع سنوات لجنون نبوخذنصر (أصحاح 4)، وسقوط بابل السريع أمام المحاربين من فارس ومادي (أصحاح 5)، بل ونبوات بعيدة المدى مثل التنبؤ عن الممالك الأربع المتعاقبة (أصحاح 2)، مع دقة الإتقان في هذا التعاقب، وتأكيد الأزمنة الأخيرة (الأصحاحان 7-8، والاهتمام بوجه الخصوص على المملكة الثالثة)، والتنبؤ عن مجيء المسيح الأول، وبنية السبعين أسبوعًا (أصحاح 9)، ثم تقديم عرضٍ مفصلٍ عن الصراع بين إمبراطوريتي السلوقيين والبطالسة وسيرة القرنين الصغيرين (أصحاح 11)]. اعتمد النقاد المتحررون على الأسانيد التالية: أولًا: أهم أسباب شكهم النبوات الواردة في السفر بخصوص قيام إمبراطوريات متتالية دقيقة وعجيبة. فما أعلنه دانيال عن المستقبل كان يُسجله كمن يعيش فيه ويُسجل تاريخًا كأنه حدث فعلًا. فقد تنبأ في شيء من التفصيل عن الأحداث خلال الثلاثة قرون السابقة لميلاد السيد المسيح التي نتحدث عنها في صُلب التفسير. ولما جاءت هذه النبوات بدقة، تطابق ما كتبه المؤرخون المعاصرون للأحداث ومن بعدهم مثل هيرودت Herodotus، الأمر الذي دفع هؤلاء النقاد المتحررون أن يدَّعوا بأن السفر قد سُجل بعد قيام هذه الإمبراطوريات على أنها نبوات سابقة منسوبة لدانيال. كما هاجموا السفر بكل عنفٍ. في الواقع يرفض هؤلاء الذين يدعون "متحررين" الكتاب المقدس، بل والله ككائن ضابط للكل، في قبضته أحداث التاريخ. بهذا الفكر حاول النقاد المتحررون أن ينتزعوا عن كلمة الله قدسيتها وإمكانياتها بكونها كلمة إلهية كاشفة للمستقبل. هذا السبب استخدمه بورفيري Porphyry الذي هاجم المسيحية كما هاجم اليهودية والكتاب المقدس بعهديه. وكما يقول القديس جيروم: [إنه إذ رأى دقة ما كتبه دانيال النبي وقد تحقق عبر التاريخ، الأمر الذي لا يستطيع أن ينكره، لجأ إلى الادعاء بأن السفر كُتب كسجلٍ تاريخي بعد أن تمت الأحداث؛ فجاء هجوم بورفيري يؤكد دقة دانيال]. أما عن تقديم نبوات تاريخية مفصلة، فهذا ليس بغريبٍ عن الكتاب المقدس، فقد تنبأ إبراهيم عن أمورٍ تمت أحداثها خلال خمسة قرون، إذ يقول له الله: "اعلم يقينًا أن نسلك سيكون غريبًا في أرض ليست لهم ويُستعبدون لهم؛ فيذلونهم أربعمائة سنة. ثم الأمة التي يُستعبدون لها أنا أُدينها؛ وبعد ذلك يخرجون بأملاكٍ جزيلةٍ... وفي الجيل الرابع يرجعون إلى ههنا، لأن ذنب الأموريين ليس إلى الآن كاملًا" (تك 15: 13-16). لقد حمل هذا النص نبوات دقيقة: · ولادة إسحق ابن الموعد، إذ يكون لإبراهيم نسل يُستعبد في مصر لمدة حوالي 400 عامًا. · في خروجهم يحملون معهم الكثير. · يُدين الله الأمة التي استعبدتهم، حيث غرق فرعون وجنوده في بحر سوف. · عودتهم إلى كنعان تحت قيادة موسى ويشوع من بعده. · هزيمة الأموريين أمامهم. تحققت هذه الأحداث بكاملها خلال خمسة قرون بعد النبوة. أما عن سبب تقديم دانيال تفاصيل أكثر من غيره من الأنبياء فهذا أمر طبيعي إذ اقترب عصر السيد المسيح. فالوعد الذي أخذه أبونا آدم وحواء كان يبدو غامضًا (تك 5:3)، وجاء بأكثر تفصيل في عصر الآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب حيث وُعد إبراهيم: "بنسلك تتبارك جميع أمم الأرض" (تك 12: 3؛ 18: 18؛ 22: 18؛ 26: 4). ازداد الوضوح في عهد داود النبي (حوالي 1000 ق.م) حيث نسمع عن المسيا القادم كملك يقاومه الرؤساء، كما يكشف المرتل عن بعض أحداث الصلب (مز 22)، وبعد حوالي ثلاثة قرون يُحدثنا إشعياء النبي عن ميلاد السيد المسيح من عذراء (إش 9: 6-7) ويتحدث عن الصلب كمن يُعاصره (إش 53)، جاء دانيال ليحدد لنا موعد مجيئه وما يسبقه من صراعات بين الممالك العظيمة إلخ. إذن ما جاء في دانيال ينسجم تمامًا مع روح الكتاب المقدس ووحدته. ثانيًا: المعجزات الواردة في السفر مثل خلاص الثلاثة فتية في أتون النار ودانيال في جب الأسود إلخ. وليست إذ يرفض هؤلاء النقاد المعجزة وكل ما هو فائق للطبيعة، سواء في سفر دانيال أو غيره من الأسفار. إن كان سفر دانيال يُقدم الكثير من المعجزات، لكنها معجزات هادفة وبناءَّه، وليسَ استعراضًا لقوة الله وسلطانه، إنما لتحقيق هدف تأديب الله لشعبه بالسبي وهو تحريرهم من العبادة الوثنية ورجاستها، حتى يلتصقوا به ويتكئوا على صدره ويثقوا في عنايته بهم وقدرته وحكمته. كما كتب لنفع البابليين الذين كان دانيال يعيش في وسطهم. فمن بين هذه المعجزات: * كشف حلم نبوخذنصر وتفسيره لدانيال (دا 2) ليعلن الله للملك المعتز بذاته أنه يضعف أمام حلم بسيط، وأنه الله العالم بكل شيء حتى أفكار الإنسان وأحلامه هو ضابط الكل. * وفي إنقاذ الثلاثة فتية في أتون النار (دا 3) يعلن عن حب الله الفائق لمؤمنيه، فيُحرك الطبيعة لحسابهم حتى ولو بخلاف قوانينها الطبيعية، فيحول أتون النار إلى ندى وموضع راحة. * طرد نبوخذنصر إلى البرية ليعيش مع الحيوانات (دا 4) غايته تأكيد عمل الله الذي يُحطم الكبرياء ليقيم منا نفوسًا مقدسة له لعلها تقترب إليه وتُشاركه مجده إن أرادت. * الكتابة على الحائط أثناء الاحتفال بوليمة سمتها الرجاسة (دا 5)، غايتها تأكيد إدانة الخطية، فإنه ليس أحد فوق قانون العدالة الإلهية. * إنقاذ دانيال في جب الأسود (دا 6) يعلن عن رعاية الله للمؤمن الأمين؛ فيُحول جب الأسود الجائعة إلى سماء مفرحة... ويلتقي مع الملائكة ويتلمس خدمة سمائية فائقة. ثالثًا: يهاجم المتحررون السفر بسبب الرؤى، معتمدين في ذلك على وجود أسفار رؤيوية زائفة، لكن غير منطقي. لأن وجود عملة زائفة في كل العصور لا يعني إنكار وجود عملة حقيقية، هكذا وجود رؤى زائفة لا يُحتم أن كل الرؤى زائفة. فإبراهيم أب الآباء تمتع برؤى سُجلت في الكتاب المقدس، ويعقوب أيضًا رأى سلمًا نازلًا من السماء وسفر زكريا يُقدم لنا مجموعة من الرؤى، وفي العهد الجديد يوجد سفر باسم "رؤيا يوحنا"، جاء منسجمًا مع سفر دانيال كما رأينا، حيث يحسبه الكثيرون تأكيدًا وامتدادًا لسفر دانيال. رابعًا: أشار سفر حكمة ابن سيراخ (حوالي 170 ق.م.) إلى إشعياء، إرميا، حزقيال والاثني عشر نبيًا الصغار ولم يذكر دانيال، مما يوحي بعدم وجود هذا السفر في أيامه. هذا وقد جاء في نفس السفر "ولم يُولد رجل مثل يوسف" (ابن سيراخ 49: 15)، فيظنون أنه لا يمكن لشخص يعرف دانيال ينطق بهذا لأنه "مثل يوسف". يرد على ذلك : 1. الدليل ضعيف للغاية، لأن ذكر الأنبياء الصغار بعد إشعياء وإرميا وحزقيال (ابن سيراخ 49: 8-10) إنما هو وضع طبيعي، حيث كان سفر دانيال في الأصل العبري ضمن مجموعة "كتوبيم" وليس مجموعة "أنبياء". لأن دانيال لم يُقدم نفسه كنبي في مقدمة السفر بل كفتى مسبي نال نعمة أمام رئيس الخصيان في قصر نبوخذنصر، وقد عاش أغلب حياته بعيدًا عن أُمته. وفي بابل لم يُعرف كنبي ولا كمصلح روحي بين اليهود المسبيين. 2. عدم ذكر "دانيال" في ابن سيراخ لا يعني عدم وجوده؛ فإن أحدًا من الدارسين لم يُنكر وجود سفر عزرا بالرغم من عدم ذكر عزرا عندما أشار إلى زربابل ويهوشع رئيس الكهنة ونحميا. هذا ولم يذكر ابن سيراخ أيوب ولا القضاة الاثني عشر مثل جدعون وشمشون ودبورة وغيرهم، ولم يذكر ملوك كثيرين مثل آسا ويهوشفاط... فهل يعني هذا أنها شخصيات وهمية لم تكن موجودة. هذا وقد أوضحت مخطوطات قمران ما لدانيال النبي من شهرة في عصره. 3. العبارة الخاصة بيوسف شرحها سفر ابن سيراخ نفسه، إذ قيل: "ولم يُولد رجل مثل يوسف رئيس إخوته وعمدة الشعب، عظامه اُفتقدت وبعد موته تنبأت". فإن كان دانيال قد شابه يوسف في كونه متغربًا في قصر وثني لكنه لم يكن يشبهه في الأمور الثلاثة المذكورة في ابن سيراخ عن يوسف. خامسًا: لماذا لم يتأثر الأنبياء المتأخرون مثل حجي وزكريا وملاخي بما ورد في دانيال مادام قد كتب في عصر سابق لهم؟ يرد على ذلك أن هناك اختلاف في الغرض بين ما كتبه دانيال وما كتبه هؤلاء الأنبياء. سادسًا: عدم ذكر اسم دانيال في السجلات البابلية والفارسية كدليلٍ على عدم وجوده. ويُرد على ذلك بأن كثير من العظماء لم يُذكروا في سجلات التاريخ مثل الوزراء والمشيرين وقادة الجيوش ورجال العمارة مثل الذين بنوا الأهرامات. سابعًا: ذكر ما جاء في إرميا (إر 25: 11-12؛ 29: 10) يعني أن سفر دانيال كُتب بعد قبول سفر إرميا كسفر قانوني وذلك بعد عصر دانيال. يرد على ذلك بأنه كان يكفي أن يكون لدى دانيال هذا السفر بين يديه أو قد عرف كلمات إرميا عن والديه خاصة وأنهما كانا من الأشراف أو ربما من الأسرة الملكية. ثامنًا: من جهة اللغة، توجد ثلاث كلمات يونانية لأدوات موسيقية وبعض الكلمات الفارسية، هذا في نظرهم يعني أن السفر قد وًضع بعد قيام الإمبراطوريتين الفارسية واليونانية، حاسبين أن ما سُجل كنبوات إنما هو تاريخ قد تحقق وضعه الكاتب كنبوات مستقبلية. يرد على ذلك بالآتي: 1. إن كان دانيال قد عاش قبل قيام الثقافة اليونانية في أوج عظمتها بزمنٍ طويل، لكن هذه الثقافة بدأت مبكرًا جدًا، وكان لها أثرها في هذه المنطقة بسبب وجود مستعمرات إغريقية في القرن السابع ق.م. وكان في جيوش نبوخذنصر فرق يونانية مرتزقة خدمت معه وأخرى خدمت مع الجيش المصري في معركة كركميش سنة 605 ق.م. 2. وُجد في نينوى بعض الأسرى اليونانيين منذ عام 700 ق.م.، وكان من السهل جدًا على نبوخذنصر أن يستولى على آلات موسيقية يونانية أتى بها إلى قصره . 3. يقول هاريسون Harrison إن أسماء هذه الآلات الموسيقية تبدو أنها يونانية في الأصل، لكنها ترجع في أصلها إلى ما بين النهرين. 4. لا يمكن تجاهل دور الآراميين كوسطاء تجاريين بين مصر واليونان، وبين بابل والشرق، بجانب احتكاكهم السياسي بالدول المجاورة... هذا كله جعلهم يستخدمون بعض المصطلحات الأجنبية ضمن مصطلحاتهم اللغوية. يُقدم بعض الدارسين مثل Charles Boutflower في كتابة In and Around Daniel قوائم تاريخية عن تبادل الرجال والجنود والصناع المهرة وغيرهم بين الأمم . 5. لقد ظن النقاد أن النصوص الكلدانية في السفر هي آرامية عامية ترجع إلى ما بعد القرن السادس ق.م، لكن جاءت الاكتشافات والدراسات الحديثة ليس بما يشتهيه النقاد ، إذ برهنت أن لغة السفر قديمة ترجع إلى القرن السادس ق.م. يرى Gleanson Archer أن لغة السفر لا تناسب حقبة لاحقة للعصر الفارسي، وذلك من خلال الدراسة المقارنة بين لغة السفر ولغة مخطوطات البحر الميت. فإن لغة السفر ومفرداته توضح أن السفر أقدم من المخطوطات، ترجع إلى القرن السادس أو الخامس ق.م، وأنها كُتبت في القطاع الشرقي للعالم المتحدث بالآرامية مثل بابل وليس في فلسطين. ومما يسترعي الانتباه أن النصوص الآرامية في السفر تتفق في كل خصائص الهجاء وأصول الكلمات والتراكيب النحوية مع الآرامية في النقوش السامية الشمالية من القرن التاسع والثامن والسابع ق.م، كما تتفق مع آرامية البرديات المصرية التي اكتشفت في جزيرة فيلة عند أسوان والتي ترجع إلى القرن الخامس ق.م. سفر دانيال به مزيج من الكلمات العبرية البابلية والفارسية مثلما هو موجود ببرديات القرن الخامس ق.م، بينما تختلف عن آرامية النبطيين التي تخلو من أي كلمات فارسية أو عبرية أو بابلية، ولكنها تمتلئ بالمصطلحات العبرية، كما أنها تختلف عن آرامية بالميرا (تدمر) التي تمتلئ بكلمات يونانية، في حين أن بها بضع كلمات بالفارسية دون وجود أي كلمات عبرية أو بابلية . لغة السفر لا تناسب عصر المكابيين حيث لم تكن اللغة العبرية مستخدمة كلغة حية، إذ حل محلها الآرامية العامية. هذا وتشترك بعض المصطلحات مع ما جاء في سفر حزقيال الذي كُتب أثناء السبي في القرن السادس ق.م. كما تختلف آرامية سفر دانيال بصورة واضحة عن اللهجة التي كانت سائدة للترجمة التفسيرية الكلدانية المتأخرة للعهد القديم، وتقترب كثيرًا من لغة سفر عزرا الذي كُتب في زمن قريب جدًا من زمن دانيال النبي. أكدت الدراسات التي قام بها Rosenthal أن اللغة الآرامية المستخدمة في سفر دانيال هي نفس اللغة التي نمت في بلاط الملوك والسفارات منذ القرن السابع ق.م. وما بعده، وقد انتشرت انتشارًا واسعًا في الشرق الأدنى. 6. الاعتراض بأن لغته العبرية ضعيفة تُناسب وقت متأخر عن عصر دانيال. فيُرد على ذلك بأننا لا نتوقع من إنسان سُبي وهو فتى صغير وعاش في القصر البابلي في ثقافة كلدانية أن يُجيد العبرية كما ينبغي. 7. بخصوص الكلمات الفارسية فقد ثبت حديثًا أن كثيرًا من الكلمات التي كان العلماء يحسبونها فارسية أصيلة أنها ذات أصل بابلي قديم. أغلب الكلمات التي أشار إليها هؤلاء النقاد بكونها فارسية هي ألقاب وأسماء ملابس وتعبيرات فنية، يمكن أن تكون قد عبَرت من مادي إلى بابل في أيام دانيال أو قبله. يقول G.L. Archerإن الـ15 كلمة الفارسية المستعارة والتي تظهر في آرامية سفر دانيال تدل على أن الكاتب كان مرتبطًا بالعصر الفارسي. كما أنه لم يستخدم ألفاظا يونانية باستثناء ثلاث أسماء لأدوات موسيقية يدل على أن الكاتب قبل العصر اليوناني. تاسعًا: يُدعي البعض وجود أخطاء تاريخية، لقد أوضح الدكتور روبرت ولسن Dr. Robert Dick Wilson أحد كبار الدارسين العبرانيين في العصر بطلان هذه الحجج، ويمكن الرجوع إلى ذلك في: International Standard Bible Encyclopedia. 1. جاء في (دا 1: 1) أن نبوخذنصر قام بحملته ضد أورشليم في السنة الثالثة من ملك يهوياقيم، بينما يذكر إرميا النبي أن هذه الحملة كانت في السنة الرابعة للملك [راجع دا 1: 1]. 2. عاش دانيال حتى السنة الأولى لكورش الملك (دا 1: 21) بينما تمتع برؤيا في السنة الثالثة لذات الملك (دا 10: 1) [راجع دا 1: 21]. 3. ما جاء في دانيال "في ملك داريوس وفي ملك كورش الفارسي" (دا 6: 8) يتفق مع الحقائق التي كشفت عنها الآثار، ومع نصوص السفر نفسه، بافتراض أن داريوس قد حكم في نفس الوقت مع كورش كنائب ملك عن كورش. 4. رأى دانيال رؤيا في السنة الثالثة لبيلشاصر الملك (دا 8: 1) كآخر ملك بابلي بينما عُرف في التاريخ أن نابونيدس هو آخر ملوك بابل (راجع: دانيال وعلم الآثار). |
|