![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() التماس أخير لصالحهم: اِرْعَ بِعَصَاكَ شَعْبَكَ غَنَمَ مِيرَاثِكَ، سَاكِنَةً وَحْدَهَا فِي وَعْرٍ فِي وَسَطِ الْكَرْمَلِ. لِتَرْعَ فِي بَاشَانَ وَجِلْعَادَ كَأَيَّامِ الْقِدَمِ. [14] إذ يدرك النبي أن الالتجاء إلى الله هو الصلاة، يرفع قلبه إلى الله، الراعي الصالح، ليقود شعبه بمراحمه كما في القديم، في الأيام المجيدة. يدعو النبي الشعب "غنم ميراث الله"، إذ هم غنم رعايته (مز 79: 13؛ 100: 3)، وقطيعه الصغير (لو 12: 32)، وهم نصيبه (إر 12: 10)، وميراثه (مز 94: 5)، حبل نصيبه (تث 32: 9). وكأنه يطلب من الله أن يتطلع إلى شعبه، بكونه الراعي المهتم برعيته، والمالك الذي يحفظ ملكيته. * "نحن شعبه وغنم مرعاه" (مز 100: 3)... هذا القطيع هو قطيع واحد! انظروا أي راعٍ محب لنا! إنه ترك التسعة وتسعين ونزل يطلب الواحد. لقد رده على منكبيه (لو 15: 4-5)، وفداه بدمه. هذا الراعي مات بدون خوفٍ من أجل القطيع، هذا الذي بقيامته رد قطيعه إليه. القديس أغسطينوس كَأَيَّامِ خُرُوجِكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ أُرِيهِ عَجَائِبَ. [15] يستجيب الله لطلبة النبي وشفاعته عن شعبه، فيقدم الله عجائب كما فعل عند الخروج من مصر، حيث حلّ الرعب بالأمم الوثنية. * اسمعوا ما هو أكثر عجبًا، أن أسرار الأسفار القديمة الخفيَّة والمحتجبة الآن إلى حدٍ ما تعلن بواسطة الأنبياء القدامى. فإن ميخا النبي تكلم هكذا: "كأيام خروجك من أرض مصر أريه عجائب" (مي 7: 15)... خطايانا تُبتلع وتنطفئ في المعموديَّة، ذلك كما غرق المصريون في البحر. "لا يحفظ إلى الأبد غضبه، فإنه يُسر بالرأفة الثابتة... أنت تطرح كل خطايانا في البحر" (راجع مي 7: 19). القديس أغسطينوس يَنْظُرُ الأُمَمُ وَيَخْجَلُونَ مِنْ كُلِّ بَطْشِهِمْ. يَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتَصُمُّ آذَانُهُمْ. [16] ماذا يفعل الراعي العجيب؟ يصنع بشعبه عجبًا. فتتطلع الأمم المحيطة بشعبه والتي شمتت بهم وكانت تقف في وجههم يوم بليتهم، فيصطادون الهاربين ويبيعونهم عبيدًا أو يسلمونهم للسبي. الآن تقف هذه الأمم في ذهول أمام رعاية الله لشعبه، فيضعون أيديهم على أفواههم ويصمون آذانهم، إذ لا يستطيعون النطق بكلمة واحدة ضد شعب الله، ولا يحتملون أن يسمعوا أخبارهم المفرحة. هذا هو عمل الله الفائق مع كنيسته، حين ترجع إليه بالتوبة، ومع كل نفس تائبة، حيث يردها الله من العار والخزي إلى أمجاد داخلية فائقة. يَلْحَسُونَ التُّرَابَ كَالْحَيَّةِ كَزَوَاحِفِ الأَرْضِ. يَخْرُجُونَ بِالرِّعْدَةِ مِنْ حُصُونِهِمْ، يَأْتُونَ بِالرُّعْبِ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِنَا وَيَخَافُونَ مِنْكَ. [17] إن كانت الأمم المقاومة للحق الإلهي تشٌبه بزواحف الأرض التي تلحس التراب، فإن الله في حبه يسمح لعدو الخير أن يجربنا، لكن في التجربة يلمس عدو الخير -الحية القديمة- ما فينا من ترابٍ، لكي ما نتزكى أمام الله. وكما يقول القديس أمبروسيوسفي حديثه عن التوبة أن بولس الرسول طلب من أهل كورنثوس أن يُسلم الزاني للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص نفسه (1 كو 5: 5) حيث يلحس الشيطان ما فيه من ترابٍ، أما نفسه فلا يمسها! كل ما يستطيع عدو الخير وجنوده أن يفعلوا هو أن يلحسوا التراب الذي يلحق بأرجلنا. وكما يقول المرتل: "وأعداؤه يلحسون التراب" (مز 72: 9). ويقول الرب نفسه للكنيسة: "يَسْجُدُونَ لَكِ، وَيَلْحَسُونَ غُبَارَ رِجْلَيْكِ، فَتَعْلَمِينَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي لاَ يَخْزَى مُنْتَظِرُوهُ" (إش 49: 23). يقول العلامة أوريجينوس أنه قد صدر الحكم على الإنسان بعد سقوطه: "أنت تراب وإلى ترابٍ تعود" (تك 3: 19)، أما وقد تمتع بالشركة مع آدم الثاني فيسمع الصوت الإلهي: "أنت سماء وإلى سماءٍ تعود". فعمل الراعي الصالح أن يحولنا من اللعنة الأولى في آدم الأول إلى البركة في آدم الثاني، فنصير سماءً مقدسة. بهذا لا تجد الحية فينا ما تأكله، إذ لا تجد التراب مأكلها. |
![]() |
|