رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المُرسَل من أبيه! «قال إسرائيل ليوسف: ... تعال فأُرسلك إليهم. فقال له: هأنذا ( تكوين 37: 13 ) كم كان ليوسف عزاء عندما – بعد إنهاء الحصاد – ذهب إخوته ليرعوا غنم أبيهم عند شكيم! كانت تفصله مسافة بضعة أيام عن بُغضتهم، وعن نواياهم الشريرة، وعن اضطهاداتهم. وكان يُمكنه أن يتمتع بهدوء بمحبة أبيه، وبموَّدة أخيه الصغير بنيامين. ولا شك أنه كان يتمنى أن تدوم هذه الراحة وقتًا طويلاً. تُرى ما الذي فكَّر فيه عندما قال له يعقوب ذات يوم: «أ ليسَ إخوتك يَرعون عند شكيم؟ تعالَ فأُرسلك إليهم». كيف؟! هل يترك أباه وأخاه، ويذهب إلى الذين يبغضونه ويُريدون إهلاكه؟! ولكن يوسف لم يبدِ أي اعتراض، وأجاب ببساطة: «هأنذا». فقال له يعقوب: «اذهب ... فأرسَلَهُ» ( تك 37: 13 ، 14). لم يكن الدافع لطاعة يوسف مجرَّد شعور بالواجب، بل قَبْل كل شيء محبته لأبيه الأقوى من بُغضة إخوته. كان يجهل السنين العديدة التي كانت ستنقضي قبل أن يرى من جديد الوجه المحبوب؛ وجه أبيه الشيخ. ولكنه كان مُدركًا لمحبته بالرغم من بُغضة إخوته، وكان مُدركًا للمجد المُعلَن الذي كان ينتظره، فذهب مثل شخص أعظم منه بما لا يُقاس؛ الرب يسوع الذي ذهب هو أيضًا في وقتٍ لاحق. هل هذا هو موقفنا عندما يضع الرب خدمةٍ ما أمامنا؟ ( إش 6: 8 ، 9). إن كل خدمة هي نعمة من الرب، وليس واجبًا نتممه، بل نعمة نستجيب لها بدافع المحبة، ونحن مُدركون لمحبته هو. ولا يجب أن تكون المكافأة هي الحافز على الخدمة، بل هي التشجيع الذي يضعه الرب أمامنا ( عب 11: 26 ). ولكن الرب يُعلِّمنا أن الطريق لن يكون سهلاً، وقد قال ذلك لتلاميذه، كما أن المزمور الذي يتكلَّم عن الابتهاج بالحصاد، يذكر الدموع التي تُصاحب الزرع ( مز 126: 5 ). وهنا يلمع الرمز إلى المسيح في يوسف بصفة خاصة. لقد استطاع يوسف أن يقول لأبيه: «هأنذا»، والرب يسوع عند دُخُولِهِ إلى العالمِ قال: «هأنذا أَجيءُ .. لأفعل مشيئتك يا الله» ( عب 10: 5 -7). كان مجيئه إلى الأرض في فكر الله منذ الأزل، من قبل تأسيس العالم ( 1بط 1: 19 ، 20)، ولكن عند لحظة مجيئه إلى الأرض قدَّم هو نفسه ذاته لإتمام المشيئة الإلهية. الربُ ذو المجدِ الرفيعْ يهوه المسيحُ المُنتظَرْ قد جاءَ كالعبدِ المطيعْ يا عجبًا من ذا الخبرْ |
|