رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
وجه الصليب المواجه للشيطان الشيطان هو المشتكي علينا وعلى إخوتنا ليلاً ونهاراً، هو لا يطيق نجاحنا، هو دائما يحسدنا، ثم هو يعرف ماضينا وما اقترفناه في حياتنا، لذلك هو يُذكِّر الله بها، تماماً كما رأيناه في شكواه على أيوب، لذلك هو يضع أمام الله كل مُسوِّغاته في الأفعال التي يمسكها علينا، ويُدعِّم شكاياته علينا ليثبت له عدم استحقاقنا. أما الله، فمن جهته، فهو يرى أمامه دم ابنه كل حين، فعلى الفور، وفي الحال، تسقط كل شكاوي الشيطان. كما يقول القديس يوحنا: " دم يسوع المسيح ابنه يُطهرِّنا من كل خطية". فصارت كل شكوى تُقدَّم وتُقام ضد أولاد الله مرفوضة. ويبلور بولس الرسول هذا المفهوم ويقول: "من سيشتكي على مختاري الله؟" فإذا كان المسيح هو الذي له وحده حق الدينونة علينا فنحن بكل تأكيد مُبرَّؤون، وتسقط كل القضايا المرفوعة ضدنا. كذلك الشيطان يمكن أن يشكونا ضد أنفسنا، يُزيِّف ضمائرنا. نعم قد يجعلك تقرع صدرك، ويقول أنت خاطئ وشرير، ولكن إلى هنا ليس هناك خطأ، ولكنه بعد ذلك يوقعك في اليأس، ويوهمك أنه ليس لك رجاء. ويجب أن تُفرِّق بين صوت روح الله المتكلم في الضمير وصوت الشيطان الكاذب في الضمير. صوت الله يعطي تبكيتاً، ولكن لخلاص ورجاء بلا ندامة، في حين أن صوت الشيطان هو للتأنيب، وينتهي باليأس. وخدعة أخرى للشيطان يحارب بها أولاد الله، هو أنه قد يقنعهم بزيادة الجهاد، بزيادة النسك، بزيادة الميطانيات، بزيادة السهر. ويسير الشخص في هذا الطريق، للأسف، بلا مشورة، فيجد نفسه في محلك سر، إذ يكون ما يزال واقعاً تحت نفس الضعفات الأولى، بل ولا يتقدم قَيْدَ أُنملة في الطريق الروحي. في الحقيقة إنه لا عيب في الجهاد بحد ذاته، فلابد من النسك، لابد من قمع الجسد، لابد من الميطانيات، لكن هذه وحدها فقط لا تكفي، وهي لا تُغْني عن دم المسيح. فالسبب الرئيسي لغلبة الشيطان علينا هنا هو أننا نجاهد ببرِّنا الشخصي، نجاهد بقوتنا الرخيصة، نجاهد لحساب الذات. أما الرد الوحيد على كل مهاجمة واتهام للعدو لنا هو: دم المسيح. دم المسيح هو فِعل لانهائي. فلا خطيتي ولا خطايا البشرية كلها تقدر أن تُنهيه أو تستهلكه أو تستنفذه. لا خطية ولا ألف خطية تقدر أن تدينني أو تُعيِّرني أو يكون لها شكاية عليَّ أمام الله. أنا أمام المسيح مُبرَّأٌ، مُكفرٌ عني، مغفور الخطايا. كل اتهام يرفعه الشيطان ضدي مرفوض شكلاً وموضوعاً، لأنه مُقدَّم أمامه حق الفيتو. فحتى ولو كان المشتكي يشتكي علينا ليلاً ونهاراً، فالمسيح بدمه يشفع فينا أيضاً ليلاً ونهاراً. فشفاعته ضد شكايته. وأنا تماماً خارج الموضوع. المسيح محا الصك المكتوب علينا، رفعه من الوسط، كل الوثائق الممسوكة علينا مزَّقها في صليبه، كما نقول في صلاة الأجبية: "مزِّقْ كتاب يد خطايانا، أيها المسيح إلهنا". المسيح، بدمه المسفوك على الصليب، ظفر بالشيطان، فضحه، جرَّده من كل أسلحته، أخضعه تحت رجليه. فهل بعد هذا يقدر الشيطان المُهلك أن يدخل البيت طالما الدم مرشوش عليه؟ هل تجوز أية شكاية أو عرائض اتهام علينا طالما نحن في حمى الدم؟ مستحيل بالتأكيد. نعم، عليك أن تيأس من نفسك، ولا أقول تيأس من خطاياك، فكل خطاياك مغفورة، بل عليك أن تكفِّر بقدراتك ومحاولاتك النابعة من أصل المرارة داخلك، لا تتكل على أعمال صلاحك، فكل هذا لن يجديك، هو فقط دم المسيح. |
|