رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مَنْ وَضَعَ قِيَاسَهَا؟ لأَنَّكَ تَعْلَمُ! أَوْ مَنْ مَدَّ عَلَيْهَا مِطْمَارًا؟ [5] يسأله: إن كنت تعرف، من الذي وضع مقاييس الأرض وحدَّد أبعاد خط الاستواء؟ من هو المهندس المعماري الذي صمم أبعاد الأرض؟ من الذي أمسك بالمطمار لقياسها، محددًا مناطقها وأبعادها؟ يبرز الحديث الإلهي أن الأرض التي يعيش عليها الإنسان لم تُوجد مصادفة بلا تخطيط، وإنما وراءها المهندس الأعظم الذي وضع خطة دقيقة لإنشائها، خُلقت بحكمة الخالق وقدرته الفائقة. * إنها ليست بدون إبداع أُخذت المقاييس، ولا جاءت مصادفة أو بطريقة عشوائية، ولكن الله صممها بهدف متناسق، عمل كمعماري بارع. القديس يوحنا الذهبي الفم يقدم لنا البابا غريغوريوس (الكبير)تفسيرًا رمزيًا لهذة العبارة، فيرى أن هذه الأرض هي حياة الإنسان، وأن الأساس الذي تقوم عليه حياتنا هو الإيمان الثابت في مخافة الرب. هذا الإيمان بكل مقاييسه هو من عمل الله فينا، ليس لنا أن ننسبه لأنفسنا.* أساس هذه الأرض هو الإيمان. يوضع أساس هذه الأرض عندما تتسم أماكن القلب الخفية بخوف الله بكونه العلة الأولى للثبات... يُقال لأيوب: لا تنسب لنفسك الفضائل التي أخذتها مني... فلكي لا أحطم فيك ما قد بنيته يليق بك ألا تكف عن التأمل في الحال الذي أوجدتك عليه... فإنه يمكننا أن نحفظ حسنًا ما نحن عليه إن كنا لا نتجاهل قط ما كنا عليه... من الذي يضع أساسات هذه الأرض إلا خالقنا؟ هذا الذي بالتدبير الخفي لخطته الداخلية يهب لواحٍد كلمة حكمة، ولآخر كلمة معرفة، ولآخر إيمانًا كاملًا، ولآخر نعمة الشفاء، ولآخر عمل معجزات، ولآخر نبوة، ولآخر تمييز الأرواح، ولآخر أنواع ألسنة، ولآخر تفسير عظات... هكذا يفعل خالقنا وواضع النظام لكل الأشياء ليحفظنا من الزهو بالعطية التي ينالها الشخص ويتواضع بالفضائل التي لم ينلها... الله يدبر كل الأمور هكذا، فينال الكل مواهب خاصة، وتُحسب كلها ملكًا لكل شخص بمفرده وذلك خلال رباط المحبة. كل واحد يملك في الآخر ما ينقصه هو، وبتواضع يقدم للآخر ما يتقبله كملكية خاصة به. وكما يقول بطرس: "ليكن كل واحدٍ بحسب ما أخذ موهبة يخدم بها بعضكم بعضًا كوكلاء صالحين على نعمة الله المتنوعة" (1 بط 4: 10)... ويقول بولس: "بالمحبة اخدموا بعضكم بعضًا" (غل 5: 13)... وأيضًا: "كما قسم الله لكل واحدٍ مقدارًا من الإيمان (رو 12: 3). البابا غريغوريوس (الكبير) "من مدّ عليها مطمارًا؟" يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن الذين يمدون المطمار على الأرض لبث روح الإيمان هم الكارزون، هؤلاء الذين لا يقدرون أن يعملوا إلا بالله نفسه. ضرب مثالًا بذلك الرسول بولس الذي أهمل الكرازة في مكدونية فظهر له رجل مكدوني في رؤيا أن يذهب ليعينهم (أع 16: 9). وعندما حاول الرسول أن يذهب إلى بيثينية منعه (أع 16: 7). |
|