رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اَللهُ يُرْعِدُ بِصَوْتِهِ عَجَبًا. يَصْنَعُ عَظَائِمَ لاَ نُدْرِكُهَا [5]. في وصفٍ رائعٍ يقول إن الله حاضر في كل العاصفة يوجهها حسبما يشاء، يصنع عجائب لا يمكن للعقل البشري أن يدركها. "عجيبة هي أعمالك، ونفسي تعرف ذلك يقينًا" (مز 139: 14). كأنه يقول إن صوت رعده مدهش للغاية، يعلن عن قوته وجلاله وحكمته. ليس فقط في الرعد والبروق، وإنما في كل شيءٍ نتلمس عمل الله العجيب. هكذا كان أليهو يهيئ أذهان كل الحاضرين لظهور الرب وحديثه خلال العاصفة. يقول المرتل: "أبصرتك المياه يا الله، أبصرتك المياه ففزعت، ارتعدت أيضًا اللجج؛ سكبت الغيوم مياهًا، أعطت السحب صوتًا، أيضًا سهامك طارت؛ صوت رعدك في الزوبعة، البروق أضاءت، المسكونة ارتعدت ورجفت الأرض" (مز 77: 16-18). * يرعد الله بطريقة عجيبة بصوته، إذ يخترق قلوبنا بقدرته السرية بطريقةٍ لا يُعبر عنها. فبينما يسيطر صوته علينا بالخوف بفعله السري ويشَُكلنا في الحب، يعلن بطريقة صامتة كيف يشتاق أن نتبعه... "يصنع عظائم لا ندركها (غامضة)". فالإنسان الذي استسلم للأمور الأرضية، واستبدت به الشهوات الشريرة، يصير فجأة غيورًا لمساعٍ جديدة، وباردًا من جهة العادات القديمة، فيجحد الاهتمامات الخارجية، ويشغف بالتأمل الداخلي. من يقدر أن يعبِّر عن قوة هذا الصوت العلوي...؟ إنه ينطق بصوته حتى بواسطة الرسل، وهو الذي ينير قلوب السامعين في الداخل بنفسه. يقدم بولس شهادته، إذ يقول: "أنا غرست وأبلوس سقى، لكن الله كان ينمي" (1كو 3: 6). فإنهم وإن كانوا لا يمنحون الاستماع للصوت الإلهي في أذهانهم، لكنهم أرسلوا لكي يقدموا الكلمات من الخارج. البابا غريغوريوس (الكبير) ما هي العظائم التي لا ندركها عندما يرعد الله بصوته العجيب، سوى عمل نعمته الخفية فينا، فيقيم منا عجبًا خلال كلمته الفعالة ونعمته الغنية. فكلمة الله ترعد بقدرة عجيبة، وتعمل بغنى في داخلنا، وكما يقول المرتل: "أرسل كلمته فشفاهم، ونجاهم من تهلكاتهم" (مز 107: 20).*يُخبر بعجائب الله (مز 1:9) من يراها تتحقق ليس فقط علنًا في جسده، وإنما أيضًا بطريقة غير منظورة في نفسه، بل هذه العجائب أكثر سموًا ورفعة. فالبشر كأرضيين وينقادون بما يرونه بالعين يتعجبون بالأكثر أن لعازر الميت يقوم في الجسد، أكثر من تعجبهم أن بولس المُضطهِد يقوم في الروح (يو 11؛ أع 9). ولكن تدعو الأعجوبة المنظورة النفس للتمتع بالنور، أما بالأعجوبة غير المنظورة فيعبر الإنسان ليتحدث عن كل عجائب الله. القديس أغسطينوس * لا تخجلوا من عطية النعمة، فإنها أكثر عجبًا من قوة إقامة الموتى وصنع العجائب. القديس يوحنا الذهبي الفم |
|