منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 29 - 04 - 2023, 02:14 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,893

البابا شنوده الأول البطريرك | القبض على البابا




القبض على البابا وسمع الأقباط بوصول البابا الى الفسطاط مقبوضا متألما ومتوجعا من مرض النقرس عليه فحزنوا حزنا شديدا وخافوا من هذا الشماس وإختبأوا ووصل امرا من الوالى بطرحه فى السجن ، مع المعتقلين من اللصوص والقتله والمجرمين وكان يحملونه أربعه من الغلمان فى محفه فقذف به جنود الوالى فى موقع ضيق ، وسمع أخباره جميع الأقباط والمسلمين فحزنوا لما ناله من الوالى. وكان امر الوالى ألا يدخل على البابا إلا تلميذا واحدا يأتى إليه بالطعام ولا يمكنه التكلم معه أو توصيته بما يريد وكان حراس السجن يأخذوا الطعام من تلميذه فيأكلوا منه ما يريدون ويتركوا الباقى للبابا فكان الذى يصل للبابا نذرا يسيرا فكان يأكل كل ثلاثه أيام ويترك الطعام الى المحبوسين معه ، أما المسجونين معه فقد أحبوه وكانوا يخدمونه خدمه العبيد لسادتهم ، فكانوا يحملونه الى دوره المياه ، ثم يرجعونه ثانيا .
وكان الأمر الذى أخذه الشماس فيه أمرا آخر بالقبض على الأساقفه فذهب الى بلاد مصر وقبض على الأساقفه وعندما كان يقبض عليهم كان يفضحهم ويشهر بعم فكان ينزع ثيابهم الكهنوتيه ويلبسه غيرها ولا يدع عليهم إلا القلسوه التى يلبسها الرهبان ويركبهم الدواب بغير سروج ولم يقبض على جميع الأساقف فقد هرب بعضهم وأعطاه بعض الأساقفه شيئا من المال عند قبضه عليهم .
وظل البابا يعانى من مرضه وألامه وهو فى السجن أربعين يوما حتى طرح الله فى قلب الوالى الرحمه فأطلقه من السجن وكان الشماس قد قبض على بعض الأساقفه ومتجها نحو الفسطاط عندما سمع خبرا ان البابا قد أطلق سراحه من السجن ، فأعاد الثياب الى الاساقفه وما كان أخذه منهم من دواب وأثاث وغيره ولكنه لم يرجع الذهب والفضه لأنه قد أعطاها إلى الرجال الذين معه ولأنفقه على ما يشتهيه لأنه كان فقير جدا ففرح الأباء ولم يطالبوه عن أى شئ لأنهم ظنوا ان الأخبار التى وصلته عن البابا كاذبه .وذهب الشماس الى البابا وقال له أسألك يأبى أن تغفر لى أنا عارف بالشر الذى فعلته وأننى لم أقدم لك خيرا فقال البابا له الرب يغفر وسأله أن يكتب له كتابا بأنه سامحه فقد كان لا يقدر ان يواجه الأقباط ولا المسلمين لإنهم كانوا يريدون رجمه بعد الذى فعله ، فأمر البابا شنوده يوحنا كاتبه بان يكتب له بأنه سامحه وانه حالل وثاقه من فمه ولا يمنع من التناول ثم ختم ما كتب بخاتمه ودفع له مبلغا من المال وأعطاه دابه وأمر بإعطاءه ثلاث ثياب فقال تلميذه كاتب سيرته يأبى كيف فعلت هذا وهو غير مستحق لتناول القربان فقال البابا ياولدى المبارك: ألا تعلم أن الإنسان الخاطئ إذا جسر وتناول القربان من قبل إقراره بخطيته أمام الله وسؤاله الصفح عنه وظن ان القربان يتمم مسيحيته فقد زاده القربان من خطايه لكنه إن ظن أن القربان يغفر الخطايا كما قال هذا جسدى كلوه فى كل حين لمغفره الخطايا فإنه قد تناول القربان وغفرت خطيته .
ولم يتخل الشماس عن شره فمضى يفعل أعمال الشر فى بلده بمنطقه صا فكان يجالس الولاه ويؤزى كهنه الكنائس هناك وكان يكتب الشكاوى على الأقباط والكهنه فلما تزايد سلطانه وقويت شوكته وخاف التجار وذوى الأعمال وكبار القوم منه إجتمع أهل الإسكندريه مع تجار الذين يعملون فى تجاره الأعمال البحريه (تصدير وأستيرادعن طريق البحر) فذهبوا الى الوالى وقالوا له: إننا لا نقدر ان نزاول تجارتنا ولن تستطيع ان تستخرج مالا من ميناء الإسكندريه إلا من التجاره التى ترد إليه من البحر والبر ، فخراج الإسكندريه لا يأتى من زراعه أرض وغيرها ، ونحن نعمل فى تجاره البر وهناك رجلا يؤذى من يصل منا إلى بلده فلا نقدر ان نتاجر فى بلده وتجار البحر واقفين إمتنعوا ان يدخلوا بمالهم الى الإسكندريه خوفا من ظهور البضاعه فيوشى بهم الى الولاه قائلا: انه إذا خرجت هذه البضاعه من البلاد ضعفت البلاد .
فإختار الوالى إثنا عشرا من الفرسان الأقوياء ( القرغلاميه) ليقبضوا عليه ولا يرحموه ، ولما ذهبوا الى بلده وقبضوا عليه أوثقوه بسلاسل حديديه فى يديه ورجليه وأركبوه على دابه غير مدربه وكان من عاده هذه الدابه انه إذا تحرك الراكب وتسمع صوت الحديد عليها تفزع وتقفز وتطرح راكبها من على ظهرها أرضا وتلتفت إليه وتعضه بفمها فكان يصرخ ويصيح فلا يلتفت أحد إليه ، وكان كل إنسان يراه يفرح ويدعوا للوالى الذى قبض عليه وكانوا يقولون له: الله قد طرحك فى هذه البليه ونحن نسأل الله ألا ينقذك منها فكان يرد عليهم قائلا: إننى سوف أتخلص من هذه المشكله لأننى ذكى وقد خدمت الولاه وهم لا يردونى وسوف أجازى كل واحد عن عمله معى . فكان الناس يقولون: أنك مستحق أكثر من هذا لأنك بأعمالك الشريره وضعت البابا شنوده فى السجن .
وكان شره قد إمتد الى المسلمين واليهود أيضا ، فلما رأى ان الناس قد أبغضوه وأن الوالى أيضا معهم غطى وجهه بعمامته من الخزى ولما وصلوا الى دار الولايه قال له الوالى : أنت الرجل الذى عملت هذه الشرور . فظن الشماس أنه إذا قال للوالى المسلم بما فعله مع البابا سيخلى سبيله ويشكره على فعلته فقال: نعم أنا ذلك الذى سلمت البابا للوالى وحصلت منه مالا كثيرا وقد سامحنى وبيدى مكتوب من البابا أن لا يضرنى أحد ، فقال الوالى : انت الذى فعلت هذا الذى بلغنى والآن فقد ظهر لى أنك من حزب الشيطان الملعون وقد قلت بوقاحه أنك لم تخاف الله ولا راعيت أبوك البابا حين فعلت معه هذه الأفعال الشريره فقد صدقت الآن كل ما قاله التجار عنك وما تعمله معهم ومع غيرهم من الضعفاء .
فاحضر غلمانا أشداء وأمرهم بأن يطرحوه على الأرض ويضربوه بعصى غليظه من الخشب فلما قال الجند انه قارب الموت فقال أوقفوه وإضربوه ثلثماءه سوط فقال الجند إذا ضربناه فإنه يقارب الموت وسوف تفقد المال فقد ظن الجنود انه يضربه ليدفع مالا ، فقال : ليس الأمر كذلك إفعلوا ما أمرتكم به . فجلدوه خمسين سوطا من جلود البقر فقارب الموت ولم يتحرك فأمرهم أن يسجنوه ويضيقوا عليه بالخشب والحديد ولا يعطوه من الطعام إلا بالقدر اليسير كل يومين فكان يشتهى الموت وناله ضيق وألم وخزى لا مثيل لهما .
وعندما سمع حراس السجن ما فعله أرادوا ان يقتلوه ولكنهم خافوا من المسجونين لئلا يخبروا أحدا وكان المسجونين قد تحدثوا أمامه بما فعلوه من جرائم وعندما عرفوا انه واشيا أرادوا قتله لئل يفرج عنه فيتكلم بما سمعه منهم عند الولاه وكان من ضمن المحبوسين رجلا كان عنده كنزا وضعه فى الأرض فإعتقل بسببها ولم يريد أن يعطيها للحاكم لمحبته فى المال وكان قد أوصاه عند دخوله السجن وقبل ان يعرف حقيقته بأن يوصيه بان يعرف أولاده المكان الذى فيه الكنز لئلا يموت فىالسجن. ولما علم انه واشيا ندم على إخباره بأمره وكان يريد قتله ولم يجد ما يقتله به فكان يأتى بأوساخ السجن وأتربته وما علق من عطب على الأسقف ويضعها على جروحه فكان يغشى عليه وعندما يفيق يقول: قتلتنى يا هذا الإنسان!! فلا يسمع لندائه محبوس ولم يحميه الحراس لأنهم أرادوا موته .
وصل إلى (بابليون ) الفسطاط راهب اسمه تيدرا ابن أوضوريطس فى الساعه التاسعه صباحا يطلب مقابله البابا ، فخرج تلميذه إليه وكان حزينا باكيا لأنه رأى شده آلام وجع النقرس على البابا طوال الليل فقال تلميذ البابا الى الراهب : ألم تسمع يأخى عن شده آلام البابا ووجع النقرس فلا يقدر أحد أن يكلمه فقل لنا ما تريد ، أو تصبر لعل الله يعطيه العافيه فتجتمع به ويجيبك الى طلبك . فقال: كتاب مصر كتبوا لى وأريد أن انجز ما جئت لأجله وأنكم تمنعونى عن مقابلته وتقولون انه عليل ومريض ، فإن لم أقابله فسأمضى وأعمل الشر فقال الحاضرين: إنك الآن تتكلم مثل الجبابره ونحن مثلك قد حضرنا ولم نستطيع أن نقابله فأمكث معنا وقابله غدا . فتكلم كلاما رديئا ودخله الفكر الشيطانى فلم يجيبوه بكلمه لأنهم كانوا مشغولين بمرض البابا فحمى صدره ووغر قلبه وإظلمت عيناه عن نظر النور .
خرج تيدرا من هناك وذهب الى مريوط بلدته البلد التى ولد وتربى فيها فمكث فيها أياما يخطط لعمل الشر ، فكان يذهب للوالى ويعرفه انه يريد المضى الى بابليون الفسطاط ويقول له أن البابا له ضياع ومواشى وأغنام وأراضى وأشجار فأحفظ ما قلته لك حتى يصلك خطاب من الوالى بمصر ولما وصل الفسطاط كتب طلبا الى والى مصر ابن طولون قال فيه : إن سلطانك أيها الأمير على أرض مصر كلها والكل يخاف منك إلا البابا شنوده القبطى المقيم بالأسكندريه وهو يفعل أفعالا تغضب الله ، فهو يسحر للمسلمين ويرسلهم الى الأديره ويعمدهم بالصبغه المسيحيه ويجعلهم رهبانا إعطينى أمرا ورجالا وسأذهب الى ألاديره فى البريه وأخرج بعض المسلمين الذين فيها .
وكان إبن طولون قد وصله أمرا من الخليفه أنه سيصبح المسيطر على كل أرض مصر ، وأن تكون جميع ولاه مناطق مصر تحت سلطته وهذا خلاف ما جرت به العاده فكان والى مصر ووالى الإسكندريه ليس بينهم علاقه عمل إلا أنهم كانوا يتبادلون الهدايا وعلاقاتهم ببعض علاقه وديه , وعندما تسلم الأمر من الخليفه فرح فرحا عظيما فأمر جنوده أن يلبسوا أفخر ثيابهم ويذهبوا معه إلى الإسكندريه وكان عددهم 1200 فارس وأعطى لكل رجل زوجا من الثياب الفاخره وعمامه صنع أهل بشمور وأعطاهم خمسه دنانير وأعد للحمله زادا وحمله فى المراكب ، ولما وصل الى الإسكندريه أراد أن يعين واليا يدين له بالولاء وعلى الخمس مدن الغربيه ، ولما ذهب اليها فى أول يوم فى شهر رمضان فأحب المدينه فمكث بها الى العيد وأصلح أمورها ثم أراد الرجوع الى الفسطاط فذهب عن طريق مريوط فقضى فيها يوما وليله ليستريح عسكره من عناء السفر.
فوجد الراهب وسيله فكتب شكوى وذكر البابا والرهبان الذين كانوا مسلمين ، فعرف ابن طولون ما يقصده هذا الراهب وأراد أن يفعل فيه شرا لإنه قال فى نفسه إن لم يكن شريرا لما كتب هذا عن أبيه ، إلا أنه أراد أن يتحقق مما كتبه ، فأمر كاتبه أن يحقق فى الأمر فقال للراهب تيدرا: فى أى مكان يوجد فيه هؤلاء الذى جعلهم البابا رهبانا فأجاب قائلا : فى البريه فإذا أعطيتنى رجالا فسأعرفهم بالمكان وأحضرهم إليك . فأرسل معه جنود أتراك أشداء مخيفين لمن ينظرهم وأخذهم الى دير ابو يحنس بوادى هبيب .
ولما دخلوا الدير إضطرب وإنزعج وخاف الرهبان ثم دخل تيدرا والفرسان الى قلايه (حجره ) راهب محب لله كان تدرا يكرهه ، فأمر بوضع الحديد فى رجليه وهو لا يعلم السبب ثم ذهبوا به الى الكاتب وقال تيدرا : هذا من المسلمين الذى جعلهم البطريرك شنوده نصرانيا ، فقال الكاتب: ماذا تقول أيها الراهب فيما قاله تيدرا عنك . فأجاب قائلا : أنا نصرانى إبن نصرانى ، أنا نصرانى منذ صباى أبى نصرانيا وأمى مسيحيه وأهل مدينتى يعرفوننى ، اما البطريرك الذى يقول عنه فإن كان أبى فهو أب لجميع الأقباط ، وأنا واحد منهم .
وكان هذا الكاتب شريرا محبا للذهب والفضه فأحضر شهود زور شهدوا انه كان مسلما وأن بطرك النصارى جعله راهبا وجمع بعض الناس وقالوا انه قرر امامهم انه مسلم ، وأمر ان تقلع عنه ثياب الرهبان وألبسوه ثياب المسلمين وأحضره مع شهود الزور أمام مجلس شهود آخرين ليجدد إسلامه أمامهم ووعده بمال إذا فعل ذلك فكان يردد أنه مسيحى ويحب المسيح وكلما فعلوا به شيئا كان يزداد إيمانا ويصرخ قائلا أنا مسيحى وأبى وأمى وأهل مدينتى يعرفوننى وكان يبكى ويلطم على خديه فكانوا يقولون له : إنك إعترفت بدين الإسلام أما الشهود الحاضرين ثم تعود الى الإنكار , ويقول ابن المقفع ص50 ان الرب كان معه فى جميع شدائده ونجاه من جميعها فأخذ الكاتب شهاده الشهود المكتوبه ولم يلتفت الى تجديده الشهاده وألقاه فى السجن .
وكتب امرا مع تيدرا وأرسل معه فرسان أتراك لا يعرفون اللغه المصريه ليقبضوا عليه ويحضروه الى مصر ، فسمع بعض الأقباط ما حدث فأرسلوا خطابات الى البابا فى الأسكندريه وعرفوه بما حدث فى مصر وأمر الجنود الذين سوف يأتون للقبض عليه ، فلما قرأ الخطابات صرخ الى الله أن يزيل الرب هذه التجربه ، وإستعد البابا أن يضع نفسه لأجل الكنيسه المقدسه التى هو أمين عليها وكان لا يقدر أن يتحرك عن مرقده وكان حيا بمعونه الله له ، وكان معه فى ذلك الوقت أولاده الروحين سيمون أسقف بنا الذى رسمه لسقفا فى هذه الأيام وأخوه الروحانى الشماس مقاره ، فقال لهم يأولادى : أننى لا أستطيع التحرك من رقدتى فالمرض قد أشتد على ، اما أنتم فإهربوا من وجه الشر لئلا يعتقدوا ان معكم شيئا مما للكنيسه وقص عليهم ما حدث فى الفسطاط ووصول خطابات الأراخنه تعلمه بما حدث. فقال الأخوين : لن يكون هذا يأبانا فلن نفارقك بل نجعل نفوسنا فداك .
وبينما هم يتكلمان إذ بالراهب المارق تيدرا ينادى على البابا ويقول إفتحوا : وكان قصده أن يدخل بالشرطه إليه فيفجعه ليموت فلما رأى الشرطه أنالبابا شنوده طريح الفراش مريض ويتألم من وجع النقرس ولا يقدر على النهوض من مكانه ، فلم يقتربوا منه بل كانوا يلعنون تيدرا ويشتموه لفعله ، وجرد أحد الأتراك سيفه وأراد ان يقتله به فقال لهم: أنكم أرسلتم معى لتتموا أمر الأمير وإن لم تفعلوا ما آمركم به فمجازتكم عند الأمير ، فحملوا البابا ووضعوه فى مركبا أعدوه ليحملوه فيه الى الفسطاط وأخذ الأخوين المذكورين وشد وثاقهم وكل من وجده هناك من الأراخنه وغيرهم ووضعهم فى المركب مقبزضا عليهم مثل اللصوص ونهب كل ما وجده فى المكان من كتب مقدسه وأوآنى وغيرها وكان البابا شنوده عالما وكان يهتم بنسخ (كتابه الكتب بخط اليد ) الكتب فكان يجمع حوله النساخ ليكتبوا له الكتب وكان إذا إنتهى من كتابه كتاب يفرح به كفرحه ببناء كنيسه فنهب تيدرا الكتب فقد كان يعرف قيمتها وكان يريد ان يستولى عليها لبيعها وأمر بأن لا يتحدث الى البابا إنسان من أصحابه أو الأخوين المقبوض عليهم ، وقد حمل معه صناديق مغلقه وإعتقد أنها محمله بالذهب والفضه وكان من عاده البابا لمرضه الشديد أن يضع فى صناديق كل إحتياجاته مثل الكتب وبعض الصنديق ثياب له ولمن يخدمه وبعضها طعام لهم ، وكانت ملابسه من الصوف فلا يلبس الحرير إلا نادرا وفى الأعياد إذا قدر ان ينزل ويحضر الصلاه وكان ثوب واحد يكفيه سنينا عديده .
ولما فتح الكاتب الصناديق المغلقه فلما لم يجد شيئا ظن ان الراهب المارق تيدرا أخذ جميع ما فيها من مال وذهب وفضه لنفسه , وأحضر الخشب له فأحضره سرا وقال له : إننى فتحت الصناديق ولم أجد فيها شيئا وأننى اشك انك قد أخذت كل ما فيها . فقال هكذا وجدتها فحملتها إليك ، فغضب عليه الكاتب وكان يريد قتله ولكنه خاف من هيبه الوالى ، اما البابا ومن معه فقد كانوا فى ضيق شديد من الإهانه والأربطه والوجع والجوع والعطش فلم يأخذوا معهم شيئا ليقتاتوا به ، فبكى الأقباط عندما رأوهم على هذا الحال فمضى أهل اتريب وإشتروا قيودا حديد وأحضروا طعام وأعطوا الحراس ذهبا وفضه ليرحموهم ويحلوا أربطتهم ويقيدوهم بالحديد بدلا منها ، اما تيدرا فقال لهم : لن أفعل هذا ولن يأكلوا ولن أضع قيود الحديد فى يديهم. ولم يعلم أن الله قد أرزله وقلب عليه فكر الكاتب فحزنوا أهل أتريب والقرى المحيطه بها وبكوا بكاءا مرا على باباهم المريض طريح الفراش وأوجاع المرض . ولما وصلوا الى الفسطاط الساعه العاشره من الليل وأمر الكاتب إعتقال تيدرا وكان يريد أن يأخذ امرا من الأمير بما يريد أن يفعل معه لأنه لم يحضر المال الذى وعد بإحضاره فخاف لأن الصناديق قد سلمها له ليلا وفتحها لأنه إعتقد ان تيدرا سوف يقول انها كانت مملؤه ذهبا وفضه فأخرجه من الحبس وكان البابا قد أودعه فى سجن ضيق مع اللصوص والقتله ، وفى الغد أرسل الكاتب فريقا من المسلمين ليشهدوا بالزور انهم حضروا الإعتقال وفتشوا ولم يجدوا مال فلما سمع ذلك إمتلئ غضبا على تيدرا ومنع جميع الأقباط بعدم زياره البابا بعد ان كانوا يأتون إليه فى السجن ويأخذون بركته ولا يكلموه خوفا من الأمير ، وبعد أيام طلبوا منه مالا ويفرجوا عنه فقال لست معى شيئا .
فأمر الأمير بإحضار الراهب تيدرا وقال له : أين المال الذى أخذته من البابا الذى ذكرت لى وقلت انك إذا أحضرته الى هنا سأحضر المال الكثير الذى فى حوزته . فقال الخبر وصل إليه قبل وصولى فأعطى المال لأولاده سيمون أسقف بنا ومقاره الشماس أخوه قال هذا ليدافع على نفسه من غضب الوالى . فأمر الوالى ان يحضروا إليه واحدا واحدا ليكلمهما كل على إنفراد . فأحضر اليه الشماس مقار قال له : اين مال البابا شنوده قد قالوا لى انك أخفيت المال وهربته فإمضى وأحضره إلى لأطلقك من الحبس حرا بغير عذاب فقال إن كل ما عند البابا أخذوه معه فى المركب وأخذونى معه فأن كنت أخذت شيئا فقد كنت هربت أيضا .ثم أحضر سمعان أسقف بنا وقال له : أنت سمعان أسقف بنا فقال:نعم فقال له : وأين مال البابا الذى عندك . فقال سمعان : ليس عند أبى مالا إت كل ما يجود به الأقباط عليه ينفقه على الكنائس والفقراء والمعوزين والزى أخذتموه منه عند القبض عليه هو كل ماله , فلما سمع ذلك وأحس بصدقه ونظر مرض البابا وضعفه الشديد ، أحضر أخيه الشماس غاضبا وحزن البابا لأنه علم أن الوالى يريد أن يؤذيه ، فقال له الوالى : إعطينى مال البابا وإلا عذبتك عذابا شديدا ، فقال له: قد قلت لك لا يوجد عند أبى شيئا .
فامر ان يضعوه على بطنه على الأرض ويرفعوا رجله وضربوه حتى تدفق الدم من جسمه فلما رأى الدم أمر بحبسهم أما البابا فقال لمقار الشماس : إفرح ياولدى فقد كنت مستحقا ان تعذب لاجل كنيسه الله وستنال الأجر من المسيح , ثم رشم علامه الصليب على مواضع الألم فزال عنه الألم وأختفت علامات الضرب من على جسمه ولما رأى المسلمين الذين فى الحبس ما حدث : قالوا على البابا : إن هذا رجل من رجال الله الصالحين . وظل البابا فى الحبس ثلاثين يوما ، وكان الأقباط فى حزن وكآبه فدفع الشعب مالا إلى الوالى فأطلقه وصلى البابا لأجل الراهب الذين قالوا عنه انه مسلم فكان ان الوالى أرسل من يسأل عنه فى بلدته وتأكد من صحه كلامه فأطلقه فإستحق الراهب أن يأخذ إكليل الإعتراف بالسيد المسيح ، وذهب ليتعبد لله الى يوم وفاته وكان متخفيا لئلا ينال مجدا أرضيا بسبب تمسكه بالمسيح . وكان الأراخنه يسألون البابا ليأخذوا حلا لعقاب الراهب المارق تيدرا الذى تسبب فى هذه البلاوى فقال لهم دعوه ليقتص الله منه ، لأن الله كشف له ما سيفعله لتيدرا , فهرب الراهب من الفسطاط خوفا من الوالى والأراخنه وذهب الىالبريه المقدسه وعذب الآباء الرهبان هناك ، وأقلق سكونهم فعرف أهل الأسكندريه بأمره عن طريق تجار مسلمين كانوا يشترون الحصر وغيرها من الصناعات التى يصنعها الرهبان فى الأديره ، فشاهدوا الراهب هناك ورأوه يعامل الرهبان معامله سيئه ، فعرفوا الوالى بشروره فأمر بالقبض عليه هو وأخوه العلمانى فقال له : ما سمعت عما فعلته بالشماس الذى كان قبلك وفعل أفعالك المشينه ، فسوف أجازيك عن أفعالك الرديئه وأمرا ان يطرحا أرضا على بطنهما ويضربا بالسياط حتى صارا كالأموات وجرهما من أرجلهما فى سوق مدينه الإسكندريه أوثقهما بالحديد وسجنهما ودفعا كل ما كان يملكاه ، وكانت أمه تتصدقا لتدفع للحراس وغيرهما إلى أن أطلقوهما بعد سنه وكانت حالتهما زريه وأصيب بمرض الجزام وصار لونه أسود .
وشاخ أبينا البابا شنوده وطالت أيامه فى الأرض وضعفت قوته بعد كفاح وجهاد كبير مع الولاه والظلمه من أبناءه وإختاره الله ان يكون مع أبيه القديس مرقس رسول المسيح فتنيح بعد مرض طويل فى 24 من برموده وجلس على الكرسى المرقسى 21 سنه و3 شهور فإجتمع الشعب وحزنوا عليه وبكوا بكاءا مرا بركه هذا القديس المجاهد مع المرض ومع الولاه ومع أبناءه تكون معى يأبائى وإخوتى آمين.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
البابا شنوده الأول البطريرك | أعمال البابا فى الأديره..مرضه..عدو الخير
البابا شنوده الأول البطريرك | البابا وفقراء الإسكندريه
البابا شنوده الأول البطريرك | قصد البابا الصعيد ليتفقد رعيته هناك
البابا شنوده الأول البطريرك | إختيار البابا
البابا شنوده الأول البطريرك رقم 55


الساعة الآن 06:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024