لما كان شابًا في الثامنة عشرة من عمره وكان يرعى الغنم بالقرب من بحيرة مريوط، قتل إنسانًا خطأ دون قصد منه، ففر هاربًا إلى الصحراء حيث ترهب في خوف الله. وقضى ثلاثة أعوام في العراء دون سقف يظلله رغم حرارة الشمس صيفًا وبرد الجو شتاءً، ثم بنى له قلاية مكث فيها خمسة وعشرين عامًا. وأعطاه الله نعمة السلام الداخلي فكان سعيدًا بعشرته مع الرب. سُئِل مرة: "هل تفكر بعد في تلك الخطية (القتل الخطأ)؟" فأجاب بأنه لم يعد يتضايق من ذكرها، وأضاف قائلًا: "لأن هذه الخطية قد عرفتني طريق الفادي المسيح، والكتاب المقدس به الكثير من الشواهد على قبول الله للخطاة. فموسى النبي لم يؤَهَل للنعمة والظهور الإلهي في سيناء إلا بعد هروبه بعد قتل المصري خطأ، وتقديمه توبة لله". وكان يقول: "نحن نذكر ذلك لكي نعرف أن الله يغفر الخطية حينما يتوب الخاطئ مهما كانت جريمته". نياحته وهو يصلي:
كان مكاريوس يصلي دائمًا وهو يضع ذراعيه فوق بعضهما على مثال الصليب. ولما قرب موعد رحيله من العالم بعد مرض طويل، مد ذراعيه هكذا وصلى، فتقدم إليه أحدهم وانتظر طويلًا لعله يفرغ من صلاته، ثم خاطبه قائلًا: "يا سيدي المبارك" فلم يجبه بكلمة، فوجده قد فارق الحياة وهو راكع ويداه مبسوطتان على شكل صليب، ولم يستطع الإخوة أن يجعلانهما على جانبيه، فحفروا له قبرًا على شكل صليب.